فالسورة تبدأ بالحمد لله، على ماذا ولماذا؟ إنها تنفرد بشيء دون سواها، إنه إنزال الكتاب، هل تدرون ماذا يعني هذا؟
إنه يعني أن إنزال الكتاب على عبد الله ورسوله إلى العالمين يساوي خلق السماوات والأرض ويساوي خلق كل العالمين.
لماذا؟ لأنه نزل بالحق وكل شيء في السماوات والأرض وكل العالمين قائم بالحق ومخلوق بالحق.
فليس لعبا ولا عبثا، ولا باطلا ولا سدى. (ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار)
إذن فالإنسان لا يستطيع أن يسير في موكب الحق إلا بهذا القرآن وإلا فحياته باطل وبهتان وهكذا أصل بكم إلى هذه الحقيقة العظمى للقرآن وأختم هذا المحور الأول من مفردات القرآن التي كان أولها كلمة [قرآن].
والآن فإني أدعوكم للعودة إلى ما قررناه قبل الآن وهو أن القرآن يعلمنا القرآن.
ألا تتذكرون هذه العبارة، القائمة كالمنارة؟
إنها حق لا ريب فيه وواقع لا جدال فيه، فالقرآن يعلمنا كيف نقترن مع هذه المخلوقات العظام، وكيف نسلك معها باتزان وانتظام، وكيف نتعامل معها بصلاح وسلام.
ثم كيف نتعامل مع بعضنا البعض ومع أنفسنا بعدل واتزان، فلا نطغى في الميزان، ولا نخترق الاقتران، ولا نفجر الاطمئنان، ولا نتعدى نظام الرحمن، الذي علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان.
إلا أن على الإنسان أن يفهم أن الخروج عن صراط القرآن هو الهم والغم وأن الانفلات من هدى ذي الجلال هو العمى والضلال وأن الفرار من حكمه هو الفساد والانحلال، وأن الاعتماد على الهوى هو الخسران والوبال، وأن عبادة المال هو الحروب والافتتال، وأن اتباع الطغاة هو الهلاك والوبال، وأن الجهل بعلم القرآن هو الذل الذي يطحن الجبال، ثم ماذا بعد؟ ثم وهو الأدهى والأمر لكل البشر، الحشر إلى جهنم ولبئس المستقر. وهذه سنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير مع الحاضر ومن غبر، (ألم نهلك الأولين * ثم نتبعهم الإخرين * كذلك نفعل بالمجرمين) [المرسلات: من16 إلى19].
Unknown page