118

Huna Quran

هنا القرآن - بحوث للعلامة اسماعيل الكبسي

Genres

إن هذه الغفلة أنستهم عظمة المحتوى وفضله وسمو الفحوى لمن عقله.

إن فحوى السورة يؤكد لنا أن هذه الليلة إذا كانت بهذه الصفات العليات والسمات الساميات فإن ما حوته من الإنزال فيها لا بد أن يكون محتويا على تلك السمات ومتسما بتلك الصفات إن لم يكن أكثر وأوفر حظا.

وكيف لا يكون كذلك وهو المحتوى والليلة الوعاء؟ ولا شك أن المحتوى لا بد أن يكون أغلى وأثمن وأنفع من الوعاء الذي حواه وإلا فإني أسألكم سؤالا بديهيا، هل يمكن أن تضع صدفا في حقيبة من ذهب أو حتى من فضة؟ كلا، ولكن قد تضع ذهبا في حقيبة من صدف أو خزف أو حتى فضة، لكن المحتوى لا بد أن يكون أغلى وأشرف.

وإذن فإذا كانت الليلة لها تلك الصفات وقد حوت هذا التنزيل ؛ فإن المنزل فيها لا بد أن يتصف بما اتصفت به بلا شك.

فهي مباركة وهو مبارك وهي سلام وهو سلام، وهي تنزل فيها الملائكة وهو تنزل به الملائكة وتنزل عل من تلاه. وهي خير من ألف شهر، وهو كذلك على مدى الدهر.

لكن الغفلة قد أخذت المسلمين والتصور قد ران على المرتلين فاهتموا بالليلة ونسو الآيات المنزلة واهتموا بالوعاء ونسو المحتوى فإذا بهم ينتظرون هذه الليلة طيلة العام في كل عام، فإذا أهلت أو ظنوا أنها قد حلت أقاموا الصلوات ورفعوا الدعوات وأكثروا الأمنيات فإذا ذهبت الليلة ودعوها ورقدوا وظنوا أنهم قد ربحوا هذا على فرض أنهم قد عرفوا تحديد موعدها مع العلم أنهم مختلفون فيه فهي تدور بين الليالي العشر الآخرة بدون تحديد.

لا سيما إذا ما عرفنا أن بعض الأقطار تبدأ الشهر قبل أو بعد سواها.

وهذا يؤدي إلى اختلاف ليالي القدر فالليلة السابعة والعشرين في قطر هي الثامنة والعشرين في آخر أو السادسة وإذن فأين هي الحقيقة لموعد الليلة وأي التحديد أصح لها؟ لا ندري.

وهكذا يصبح إدراكها لأحد الأقطار مشكوكا فيه إن لم يكن للجميع.

وعليه: فما هو السبيل في إدراكها للجميع بدون فوات؟ إن السورة توضح ذلك وتحدده وتجعل إدراكها سهلا وممكنا باستمرار.

Unknown page