ترى من سيعيش في هذا المكان؟ إنها إيف؛ فالمتزلجون على الجليد - باستخدام الزلاقات الآلية - الذين عاشوا في هذا المنزل باعتباره ناديا شتويا، كانوا يشيدون مبنى خاصا بهم لهذا الغرض في تلك الآونة، وبالطبع سيسر مالك المنزل إذا ما أجره طوال العام، أو قد يبيعه بثمن بخس بسبب حالته الرثة. ويمكن أن يكون منتجعا للاسترخاء، إذا ما حصلت إيف على الوظيفة التي تأملها في الشتاء القادم. وإذا لم تحصل عليها، فلم لا تؤجر الشقة من الباطن وتعيش فيها؟ سيختلف الإيجار، وكذلك قيمة معاش كبار السن الذي بدأت تتقاضاه في أكتوبر، والنقود التي ما زالت تحصلها من إعلان روجت فيه - باعتبارها ممثلة - لمكمل غذائي. وبذلك يمكنها أن تتدبر أمرها.
قالت صوفي: «وحين نأتي في الصيف، يمكننا أن نسهم في الإيجار.»
سمعهما فيليب، فقال: «كل صيف؟»
قالت صوفي: «أرى أنك أحببت البحيرة. لقد أحببت المكان.»
قالت إيف: «كما أن البعوض لا يكون بهذا السوء كل عام، عادة لا يحدث هذا إلا في بداية الصيف، في شهر يونيو، قبل أن تصلوا؛ إذ تتكون مستنقعات كثيرة في الربيع - وتكون موحلة - فينمو حولها البعوض، ثم تجف تماما من الماء فيختفي البعوض. أما هذه السنة، فقد هطلت أمطار كثيرة، ولم تجف المستنقعات بالكامل، فنال البعوض فرصة ثانية ونما جيل جديد.»
اكتشفت إيف كم يحترم فيليب المعلومات التي ذكرتها، وفضلها على آرائها وذكرياتها.
لم تكن صوفي مولعة بالذكريات بالمثل؛ وكلما جاء ذكر الماضي الذي يجمعها بإيف - حتى خلال تلك الأشهر التي أعقبت ميلاد فيليب والتي كانت تراها إيف أسعد وأصعب وألطف الأوقات وأكثرها إثمارا في حياتها - كان وجه صوفي يكتسي بنظرة جادة تضمر شيئا ما خفيا عن قول تسره في نفسها ولا يكاد يتحرر من قبضتها عليه. أما الماضي الأبعد، حيث طفولة صوفي، فكان يتطلب الحذر ولكن على نحو إيجابي - كما اكتشفت إيف - بينما كانتا تتحدثان عن مدرسة فيليب. وفيما يتعلق بالمدرسة، كانت صوفي ترى أنها صارمة نوعا ما، لكن إيان لم تكن له تحفظات عليها.
قالت إيف: «يا لها من طفرة! اختلاف كبير عن بلاك بيرد.» فقالت صوفي على الفور وبلهجة تكاد تكون عنيفة: «أوه، بلاك بيرد! إنها لمهزلة أن أفكر أنك دفعت تكلفة تعليمي في بلاك بيرد. دفعت أموالك مقابل خدماتها.»
بلاك بيرد مدرسة بديلة ارتادتها صوفي، ولم يكن الطلاب يلتحقون فيها بسنوات دراسية وإنما بمجموعات وفقا لتقييم المدرسين لهم (واسم المدرسة مستوحى من ترنيمة «أشرق الصباح»). كلفت هذه المدرسة إيف أكثر مما تطيق، لكنها كانت تعتقد أنها هي الخيار الأفضل لفتاة تعمل أمها ممثلة وأبوها غير موجود في الصورة. وعندما كانت صوفي في التاسعة أو العاشرة من عمرها، أغلقت المدرسة بسبب خلافات وقعت بين أولياء الأمور.
قالت صوفي: «درست الأساطير اليونانية ولم أعرف أين هي اليونان، بل إنني لم أعرف ما هي. وكنا نقضي حلقة الفنون في صنع شارات مناهضة لاستخدام الأسلحة النووية.»
Unknown page