ولم ترها إيف بعدها حتى هذا الصيف. في البداية كانت كلتاهما في حاجة ماسة إلى المال. عندما كانت إيف تعمل، كان لديها حس دائم بالالتزام نحو ابنتها، لكن عندما توقفت عن العمل لم تعد تستطيع أن تتحمل أي نفقات إضافية؛ فسرعان ما التحقت صوفي هي الأخرى بوظيفة؛ عملت موظفة استقبال في عيادة أحد الأطباء. وذات مرة، كادت إيف أن تحجز تذكرة طيران عندما هاتفتها صوفي قائلة إن والد إيان قد مات، وإن إيان سيسافر جوا إلى إنجلترا كي يحضر الجنازة ويعود بأمه إلى كاليفورنيا.
قالت: «وليس لدينا سوى غرفة واحدة.»
قالت إيف: «يا لها من فكرة مفزعة! اثنتان من الحموات في منزل واحد، فضلا عن غرفة واحدة.»
قالت صوفي: «ربما بعد أن ترحل.»
لكن أم إيان ظلت في المنزل حتى ولدت ديزي، بل ظلت حتى انتقلوا إلى المنزل الجديد؛ أي ثمانية أشهر إجمالا. في ذلك الوقت ، كان إيان قد بدأ في تأليف كتابه، وما كان سيتيسر هذا مع وجود زوار في البيت. لم يكن أمرا يسيرا على أي حال. وبذلك، ولى الوقت الذي شعرت فيه إيف أنها واثقة بنفسها بما يكفي لأن تدعو نفسها إلى زيارة بيتهم. وانتهى الأمر بأن أرسلت صوفي لها صورا لديزي وللحديقة ولجميع غرف المنزل.
وبعد ذلك، أعربت صوفي عن نيتهم - هي وفيليب وديزي - العودة إلى أونتاريو في هذا الصيف؛ سيقضون ثلاثة أسابيع مع إيف، بينما يعمل إيان في كاليفورنيا بمفرده. ومع نهاية الأسابيع الثلاثة، سيلحق بهم إيان، ويسافرون جوا من تورونتو إلى إنجلترا ليقضوا شهرا مع أمه.
قالت إيف: «سأستأجر كوخا على شاطئ البحيرة. كم سيكون هذا رائعا!»
قالت صوفي: «بالفعل، لم أرك منذ فترة طويلة جدا.»
وهكذا جرت الأمور؛ وكانت رائعة بحق كما ظنت إيف. لم يبد أن صوفي انزعجت أو اندهشت من أن ديزي تبلل فراشها. أما فيليب، فظل مهذبا ومتحفظا بضعة أيام، كما كان رد فعله لطيفا عندما أخبرته إيف بأنها تعرفه منذ أن كان رضيعا، لكنه كان يشكو من البعوض الذي يهاجمهم وهم يسرعون عبر غابة الأشجار المتراصة على الساحل في اتجاه الشاطئ. أراد الذهاب إلى تورونتو ليزور المركز العلمي، لكنه ما لبث أن هدأ وبدأ يسبح في البحيرة دون أن يشكو من برودة مياهها. وبعدها شغل نفسه ببعض المشاريع التي كان ينفذها بمفرده؛ مثل سلق سلحفاة ميتة - كان قد أتى بها إلى المنزل - وكشط لحمها حتى يستطيع أن يحتفظ بصدفتها. وكان بطن السلحفاة الميتة يحتوي على جراد بحر غير مهضوم، كما أن صدفتها تكسرت إلى أجزاء؛ لكن أيا من هذا لم يفزعه.
في تلك الآونة، وضعت إيف وصوفي نظاما ممتعا، حيث أداء المهام اليومية صباحا، وقضاء فترة بعد الظهر على الشاطئ، واحتساء النبيذ مع العشاء، ومشاهدة الأفلام في ساعات متأخرة من المساء. كما انشغلتا ببعض الأفكار غير الجادة قليلا بشأن المنزل: ماذا عسانا أن نفعل فيه؟ أولا ننزع ورق الحائط عن جدران غرفة المعيشة - وكان نقشه يشبه الخشب - وننزع مشمع الأرضية المرسومة عليه أشكال سخيفة من زهور الزنبقة الذهبية التي استحالت بنية بفعل الرمال المتشبثة به وماء المسح المتسخ. انهمكت صوفي في الأمر بحماس، حتى إنها نزعت جزءا متعفنا منه أمام الحوض، ووجدت تحته ألواحا من خشب الصنوبر في حاجة إلى السنفرة. وأخذتا تتكلمان أيضا عن تكلفة استئجار ماكينة سنفرة (بافتراض أن المنزل صار ملكهما) وعن الألوان التي ستختارانها لطلاء الأبواب وخشب المنزل، كمصاريع النوافذ والأرفف المكشوفة في المطبخ، مع تجاهل الخزانات المتسخة المصنوعة من الخشب الرقائقي. ماذا عن موقد يعمل بالغاز؟
Unknown page