168

Hubb Imraa Tayyiba

حب امرأة طيبة

Genres

بدأت السيدة بي في العمل لدى أبي في ذات الوقت الذي بدأت فيه الدراسة تقريبا. وقبلها جاءت أكثر من امرأة شابة للعمل لدينا، لكنهن رحلن الواحدة تلو الأخرى كي يتزوجن أو يعملن في المصانع الحربية. عندما كنت في التاسعة أو العاشرة من عمري، وحين كنت أذهب إلى بيوت بعض من صديقاتي، قلت لأبي: «لماذا تتناول الخادمة الطعام معنا؟ الآخرون لا يسمحون للخدم بتناول الطعام معهم.»

فقال: «عليك أن تنادي السيدة باري بلقب السيدة باري، وإذا كنت لا تحبين أن تتناولي الطعام معها، فاذهبي وتناوليه في سقيفة تخزين الحطب.»

بعدها اعتدت قضاء أوقات طويلة معها في محاولة دفعها للتحدث معي، لكنها في أغلب الأحوال لم تكن تتجاوب، وحين كانت تتحدث كنت أسعد بحديثها أيما سعادة؛ إذ كنت أستمتع بتقليدها في المدرسة. (أنا) شعرك شديد السواد يا سيدة باري. (السيدة بي) كل أفراد عائلتي سود الشعر، كلهم شعورهم سوداء لا تشيب أبدا. هذا الأمر وراثي من طرف أمي؛ يظل شعرهم أسود حتى وهم في الأكفان. عندما مات جدي، أبقوه في المقبرة طوال الشتاء دون دفن؛ لأن أرض المقبرة ظلت متجمدة طوال الشتاء، ثم جاء الربيع فهموا بأن يواروه تحت الثرى لكن أحدهم قال: «لنلق عليه نظرة لنرى ما فعل به الشتاء.» لذا، فقد جعلنا أحدهم يرفع غطاء النعش، فوجدنا جثمانه بخير حال. وجهه لم يسود أو ينحل، ولم يصبه أي سوء، وشعره كان أسود. أسود.

كنت أستطيع كذلك أن أقلد ضحكاتها القصيرة التي تضحكها، ضحكات قصيرة مقتضبة كالنباح، ليس الغرض منها التعليق على أمر طريف، بل تستخدمها كنوع من أنواع علامات الترقيم الصوتية.

لكن قرابة الوقت الذي عرفتك فيه، كنت قد سئمت من فرط تقليدي لها.

بعد أن أخبرتني السيدة بي تلك المعلومات عن شعرها، قابلتها في أحد الأيام خارجة من دورة المياه الموجود في الطابق العلوي. كانت تهرول كي تجيب الهاتف، ذلك الهاتف الذي كنت ممنوعة من الرد عليه. كان شعرها ملفوفا في منشفة لأعلى، وعلى جانب وجهها تتقاطر قطرات مياه غامقة، لونها يميل إلى الأرجواني، حتى إنني ظننتها تنزف.

وكأن دمها غريب مختلف عن دم الناس، قاتم من الخبث الذي يبدو متأصلا في طبعها في بعض الأحيان.

فقلت لها: «رأسك ينزف.» وردت علي: «أفسحي الطريق.» ثم أسرعت لترد على الهاتف. ذهبت إلى دورة المياه، فوجدت بقعا أرجوانية في الحوض وصبغة الشعر على الرف. لم نتبادل كلمة عن هذا الموضوع، واستمرت في حديثها عن احتفاظ أفراد عائلة أمها بسواد شعرهم إلى أن يوضعوا في أكفانهم، وأنها ستكون مثلهم. •••

في تلك الأعوام، كان أبي يستخدم طريقة غريبة في التعامل معي ومحادثتي؛ كان أحيانا يمر بالغرفة التي أجلس فيها، فيقول متظاهرا بأنه لم يرني:

أكبر عيوب هنري كينج

Unknown page