162

Hubb Imraa Tayyiba

حب امرأة طيبة

Genres

كان الباب الأمامي يقود إلى بهو يقع أسفل الدرج، وفي هذا البهو يوجد باب جانبي يؤدي إلى شرفة من الزجاج من المفترض أن تسمح بامتصاص الحرارة من أشعة الشمس المنعكسة عليها، وباب آخر (في ذات الجانب) يؤدي إلى غرفة المعيشة. وهناك أيضا باب يصل مباشرة بين الشرفة وغرفة المعيشة، يقع عند نهاية الشرفة. قالت آن ذات مرة إن تصميم هذا البيت غريب، أو لعله لم يبن وفق أي تصميم على الإطلاق، بل إن الغرف والمساحات تغيرت عما كان مخططا له أو تحددت وفقا لأهواء الناس؛ فالشرفة الطويلة الضيقة المحاطة بالزجاج لم تكن مناسبة لامتصاص الحرارة من أشعة الشمس؛ لأنها كانت تقع في جانب المنزل الشرقي، بل وكانت مظللة بمجموعة من شجيرات الحور القطني سريعة النمو التي يصعب جزها شأنها شأن أشجار الحور القطني. وحين كانت آن طفلة، كانت الشرفة تستخدم أساسا كمكان لحفظ التفاح، مع أنها أحبت هي وأختها ذاك الطريق غير المباشر الذي يصل بين الأبواب الثلاثة، أما الآن، فهي تحب المساحة التي تتيحها هذه الشرفة لتقديم العشاء خلال أيام الصيف. لكن وقتما تقام المائدة هناك، لا تكاد تكون هناك مساحة كافية للسير بين المقاعد وجدران الشرفة الداخلية، غير أنه عندما يجلس الجميع على جانب واحد من الشرفة وفي كل من طرفيها أمام النوافذ - وهكذا أقيمت المائدة هذه الليلة - يكون هناك متسع لشخص نحيل - مثل كارين - كي يمر.

نزلت كارين إلى الطابق السفلي حافية القدمين، ولم يكن بمقدور أحد أن يراها من غرفة المعيشة. كذلك فإنها اختارت ألا تدخل الغرفة من الباب المعتاد، وقررت دخول الشرفة والسير بمحاذاة المائدة، وبعدها تطل عليهم - أو لنقل تفاجئهم - من الشرفة من حيث لا يتوقعون مجيئها.

كانت الشرفة معتمة بالفعل قليلا؛ فقد أوقدت آن الشمعتين الطويلتين الصفراوين، ولم توقد الشموع الصغيرة البيضاء المتراصة حولها. وكانت الشمعتان الصفراوان تنبعث منهما رائحة الليمون، وهو ما كانت آن تعول عليه كي تبدد جو الغرفة الخانق، إلى جانب أنها فتحت النافذة الموجودة عند أحد طرفي المائدة. وحتى في أقل الليالي نشاطا للرياح، أصبح يهب على الشرفة نسيم من شجيرات الحور.

استخدمت كارين كلتا يديها كي ترفع التنورة بينما تسير بجوار المائدة؛ إذ اضطرت لرفعها قليلا حتى تستطيع السير، ولم تكن تريد أن يصدر أي صوت من احتكاك قماش التفتة بالمائدة أو الجدار. ونوت أن تشرع في غناء: «ها قد أتت العروس» وهي تطل من مدخل الباب:

ها قد أتت العروس

شقراء، سمينة، ضخمة

انظروا كيف تتمايل

من جانب إلى جانب ...

هب نسيم عليها - بل تيار هواء شديد - جعل طرحتها ترفرف للخلف، لكنها كانت مثبتة برأسها بإحكام، ولم تخش كارين أنها قد تطير عن رأسها.

وبينما تستدير لدخول غرفة المعيشة، رفع الهواء الطرحة فاندفعت نحو لهب الشمعتين. ما إن رآها الجالسون في الغرفة حتى لاحظوا النار التي تطاردها من الخلف. وقد شمت هي نفسها رائحة احتراق الدانتيل بفعل اللهب، وكانت رائحته كريهة غريبة طغت على رائحة نخاع العظم المطهو على العشاء. وسريعا ما شعرت كارين بسخونة لا تحتمل، وتعالى صراخها، وأخذت تثب على قدميها ألما في عتمة الليل.

Unknown page