ركبت إيف السيارة وأغلقت الباب خلفها ووضعت يدها المتعرقة على المفتاح. دارت السيارة فانطلقت بها للأمام فوق الحصى؛ وكانت تلك المنطقة محاطة بشجيرات كثيفة - حسبتها شجيرات توت - وشجيرات ليلك قديمة وأعشاب. لكن سويت بعض هذه الشجيرات بالأرض بسبب تراكم أكوام كثيرة من الإطارات القديمة والزجاجات والعلب الصفيح عليها. كان من الصعب تخيل أن كل تلك الأشياء قد ألقيت من ذلك المنزل، في ظل وجود كل ما في داخله من حاجيات، لكنها ظنت أن هذا هو ما حدث. وبينما كانت تنعطف بالسيارة، رأت من وراء تلك الشجيرات المسواة بالأرض بعض أجزاء سور لا يزال ماء الكلس الأبيض عالقا به.
ظنت أنها ترى قطعا متلألئة من الزجاج معشقة فيه.
لكنها لم تبطئ سرعة القيادة كي تطل عليه، وتمنت ألا يكون فيليب قد لاحظه؛ فقد يرغب في أن يتوقفوا لاستطلاع الأمر. وجهت السيارة نحو الحارة وقادتها أمام درجات السلم المغطاة بالقاذورات التي تصل إلى المنزل. وقف الرجل الصغير البنية يلوح بكلتا ذراعيه لهم، وهزت تريكسي ذيلها وقد أفاقت من حالة الانصياع الناتجة عن خوفها الشديد - بعد أن ركلت - ما جعلها قادرة على النباح مودعة إياهم ثم ملاحقتهم بعض الشيء في الحارة. كانت تلك الملاحقة تقليدا لها، وكانت تستطيع اللحاق بهم إذا أرادت. واضطرت إيف لأن تبطئ سرعتها فجأة عندما ارتطمت بحفرة في الطريق.
قادت السيارة ببطء شديد مكن شخصا من الخروج بسهولة من بين الحشائش الطويلة المتراصة على جانب السيارة - ناحية المقعد الذي يقع بجوار مقعد السائق - ثم فتح باب السيارة والقفز داخلها؛ إذ لم تفكر إيف في قفل السيارة قبل أن تتحرك.
كان هذا الشخص هو الرجل الأشقر الجالس على المائدة في المنزل؛ ذاك الرجل الذي لم تر وجهه. «لا تخافي. لا تفزعوا. إنني فقط أتساءل عما إذا كنتم تستطيعون توصيلي معكم يا رفاق، هل توافقون؟»
لم يكن رجلا أو صبيا، بل فتاة؛ فتاة ترتدي في ذلك الحين فانلة قذرة.
قالت إيف: «لا بأس.» واستطاعت التحكم في السيارة وحرصت ألا تخرج عن الطريق.
قالت الفتاة: «لم يكن باستطاعتي أن أطلب منك هذا الطلب حين كنت في البيت. لقد دخلت دورة المياه وهربت من النافذة ثم جريت إلى هنا. الأرجح أنهم لم يعرفوا حتى الآن أنني هربت. إنهم يستشيطون غضبا.» جذبت فانلتها بقبضة يدها - وكانت أكبر من مقاسها بكثير - وشمتها ثم قالت: «عفنة الرائحة؛ جذبتها بسرعة من بين ثياب هارولد الموجودة في دورة المياه. رائحتها عفنة.»
تركت إيف المطبات وخرجت من ظلمة الحارة وانعطفت إلى طريق عادي، فقالت الفتاة: «إلهي! كم أنا سعيدة أنني خرجت من ذلك المكان. لم أعرف أي شيء عن ذلك المكان؛ لم أعرف حتى كيف دخلته. كان ذلك ليلا، ولم يكن المكان مكاني. تعرفين ما أقصده؟»
قالت إيف: «بدوا مخمورين للغاية.» «نعم . آسفة لو كنت أخفتك.» «لا عليك.» «ظننت أنك لن تقفي من أجلي لو لم أقفز داخل السيارة، أليس كذلك؟»
Unknown page