Hindusiyya Muqaddima Qasira
الهندوسية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
القريب الثالث :
ما رأيك في أن تلعبي دور زوجة رام، الملكة الطيبة، سيتا؟
أنا :
لكن سيتا لا تفعل أي شيء. إنها ليست سوى شخصية طيبة.
في هذه المحادثة بين مادهور جافري الشابة - الكاتبة ومقدمة البرامج التليفزيونية المشهورة الآن - وأقاربها الذكور، نلاحظ أحد ردود الأفعال تجاه سيتا. «مطيعة»، «وفية»، «طيبة»، «جميلة»، تلك هي الخصال التي قد تطرأ على الذهن على الفور عند وصف سيتا. لكن حتى في قصة فالميكي، تظهر قوة شخصية سيتا وصمودها . إنها مطيعة، بلا شك، لكن لزم عليها الدفاع عن قضيتها لتفعل ما تراه صوابا. وقد أظهرت ضبطا للنفس، ولم تستسلم لرغبة رافانا. وعند تحريرها، دافعت عن نفسها من أعماق قلبها ضد اتهامات راما. إنها أبعد ما يكون عن السلبية.
وهذه القوة في الشخصية لم تغفل عنها النساء الهنديات اللاتي وجدن الكثير الذي يمكن الإشادة به في شخصية سيتا. وعلى الرغم من النظرة الشائعة لها بوصفها نموذجا للخضوع والطاعة والولاء، وهي السمات التي يود الكثير من الرجال رؤيتها في زوجاتهن، فكثيرا ما تستقي النساء دروسا مستفادة أخرى من سلوك سيتا؛ فطرحت الشاعرة الهندوسية البريطانية، ديبجاني تشاترجي، السؤال التالي: «كيف كان الأمر من وجهة نظرك؟» داعية سيتا لرواية القصة من جانبها. وترى تشاترجي في اختبار النار، الذي خضعت له سيتا، كل حالات الوفاة المتكررة بين النساء الهنديات المعاصرات بسبب المهر، وترى أيضا في نفي سيتا المحن التي تتعرض لها الأم العزباء في الحياة المعاصرة. (لمزيد من المناقشة حول المهر والمشكلات المرتبطة به، انظر الفصل السابع.) وتستنتج تشاترجي أن قصة سيتا ليست قصة خرافية.
في بعض الروايات الأخرى لملحمة «رامايانا»، تأخذ سيتا صورة مختلفة بعض الشيء؛ ففي الرواية الهندوسية الشهيرة لتولسيداس، تصور سيتا على أنها تتمتع بقوة بطولية وبالقدرة على رفع قوس الإله شيفا العظيم. وفي رواية إرامافاتارام باللغة التاميلية، تقدم سيتا في صورة شخصية غاضبة وتهكمية على نحو مبرر، يدفعها زوجها القاسي الذي يوجه إليها الاتهامات إلى الهجوم اللفظي عليه. وفي أغاني النساء الشعبية، لا تزال سيتا تصور بنحو أكثر حيوية. وتروى الأحداث المهمة في حياتها كامرأة - بلوغها وزواجها وحملها وولادتها لابنيها - بالإضافة إلى ما حدث لها في الغابة، وعلى جزيرة لانكا، وفي أثناء الاختبار الذي خاضته. وتشير كلمات الأغاني إلى أن المغنيات يدركن جيدا خبرات سيتا ومشاعرها، وسوء فهم زوجها لها، والابتلاءات التي مرت بها؛ فهي مثلهن.
سيتا بطلة عظيمة أكثر من كونها إلهة. وعندما ترغب النساء الهندوسيات في الدعاء لإلهة أو الصيام للحصول على بركاتها، لا يخترن سيتا. وإنما يطلبن العون من إلهات مثل بارفاتي، الإلهة البارعة التي يمكنها التشفع لدى شيفا، أو دورجا، المحاربة القوية، أو سانتوشي ما، جالبة السلام للمنزل، أو كالي، الأم المرعبة. إنهن نساء خارقات اشتهرن بقواهن الإلهية وقدرتهن على تحقيق رغبات من يعبدهن. وتزخر الأساطير الهندوسية بالإلهات، لكن ينظر إليهن أيضا بوصفهن صورا للإلهة ديفي العظيمة التي يبجلها الكثير من الهندوس بصفتها منقذتهم ومرشدتهم. وتروى قصتها في «ديفي-ماهاتميا» (وهو جزء من «ماركانديا بورانا»). وتوصف في هذا النص بالشخصية الناجحة، والقاسية والانفعالية في الوقت نفسه، وبالأم العظيمة، والملاذ، والمدمرة الإلهية، والإلهة الخيرة، والحامية. وتتجلى هذه السمات في هيئاتها المحددة مثل لاكشمي ودورجا وأمبا وكالي وبارفاتي وغيرها الكثير. لكنها منحت أيضا أسماء ذات دلالة عامة. فأطلق عليها اسم «ماهامايا»، أي الوهم الكبير؛ و«شاكتي»، أي القوة المبدعة. وترتبط ديفي بالإلهين الأرفع شأنا، فيشنو وشيفا، لكنها ذاتها تعتبر الملكة أو الحاكمة. وسنستعرض فيما يلي قصتها. (4) نبذة سريعة عن «ديفي ماهاتميا»
عندما يتأكد ماهيشا، ذلك الشيطان الذي على شكل جاموس، أنه لا يمكن لبشر قتله، يدمر العالم ويحذر الإله إندرا من أنه سيغزو السماء قريبا. يتعاركان وينسحب إندرا، ويلجأ إلى الآلهة العظيمة، براهما وشيفا وفيشنو، فيملأ الغضب صدورهم، وتنبثق من أجسادهم الإلهية امرأة جميلة؛ ألا وهي ديفي؛ فيزودونها بالأسلحة، وتمنحها آلهة أخرى أسدا لتركبه ونبيذا لتشربه، فتعلو ضحكتها المروعة ويصيح الآلهة «النصر!»
وعندما يسمع ماهيشا ذلك، يرسل شياطينه لمعرفة ما يحدث، فينقلون إليه الأخبار عن جمال ديفي وخصالها الرائعة، فيرسل لها عرض زواج، فترفضه وتذبح رسله. وعندما يتبعهم ماهيشا، تعلن عن مهمتها، والتي تتمثل في حماية الدارما. وفي المعركة التي تلي ذلك، يتخذ ماهيشا العديد من الأشكال، لكن ديفي تشرب النبيذ ومن على ظهر أسدها تقتله برمحها الثلاثي وقرصها. ويأخذ الآلهة في الثناء على إنجاز ديفي الكبير.
Unknown page