Hind Ma Bacd Ghandi
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Genres
1
إن دستور الهند بما يحويه من 395 مادة واثني عشر جدولا هو أطول دساتير العالم على الأرجح. بدأ العمل به في يناير 1950، بعدما استغرقت صياغته ثلاثة أعوام، في الفترة ما بين ديسمبر 1946 وديسمبر 1949. خلال تلك الفترة، ناقشت الجمعية التأسيسية الهندية مسوداته بندا بندا، وإجمالا عقدت الجمعية التأسيسية إحدى عشرة جلسة استغرقت 165 يوما، وفيما بين الجلسات تولت عدة لجان ولجان فرعية مهمة مراجعة المسودات وتنقيحها.
طبع محضر جلسات الجمعية التأسيسية في أحد عشر مجلدا ضخما. وتمثل تلك المجلدات - التي يتخطى بعضها الألف صفحة - شهادة على حب الهنود للإطناب، ولكنها تشهد أيضا على ما يتمتعون به من بصيرة وذكاء وحماسة وحس دعابة. تلك المجلدات كنز لا يعرفه الكثيرون، لا يقدر بثمن بالنسبة إلى المؤرخين، وكذلك مصدر تنوير محتمل لمن يهمه الأمر من المواطنين؛ ففيها نجد أفكارا كثيرة متنازعة بشأن الدولة؛ من حيث اللغة التي ينبغي أن تتحدثها، والنظام السياسي والاقتصادي الذي ينبغي أن تتبعه، والقيم الأخلاقية التي ينبغي أن تتمسك بها أو تتخلى عنها.
2
منذ أوائل ثلاثينيات القرن العشرين أصر حزب المؤتمر على أن يصوغ الهنود دستورهم بأنفسهم. وفي عام 1946، نزل اللورد ويفل على ذلك الطلب أخيرا. اختير أعضاء الجمعية التأسيسية على أساس انتخابات مجالس المقاطعات التي أقيمت ذلك العام. إلا أن العصبة الإسلامية قررت مقاطعة الجلسات الأولى؛ مما جعل الجمعية التأسيسية عمليا منبر حزب واحد.
عقدت أول جلسة للجمعية التأسيسية يوم 9 ديسمبر 1946، وخيمت مشاعر الترقب على الأجواء. جلس زعماء حزب المؤتمر - مثل نهرو وباتيل - في الصفوف الأمامية، إلا أنه بغية إثبات أن الجلسة لا تقتصر من حيث المبدأ على حزب المؤتمر وحده، خصصت لمعارضين معروفين - مثل سرات بوس من البنغال - مقاعد أمامية أيضا. وذكرت إحدى الصحف القومية أن «تسع سيدات قد حضرن مما أضفى لونا» لمشهد غلبت عليه قبعات غاندي وسترات نهرو.
1
إلى جانب الأعضاء الذين أوفدتهم مقاطعات الهند البريطانية، تضمنت الجمعية التأسيسية أيضا ممثلين عن الولايات الأميرية، أرسلتهم تلك الولايات إذ انضمت إلى الاتحاد واحدة تلو الأخرى. وقد كان 82٪ من أعضاء الجمعية العامة أعضاء في حزب المؤتمر، إلا أنه بما أن ذلك الحزب كان في حد ذاته متعدد الأطياف، فقد تعددت آراء أعضائه. كان فيه ملحدون وعلمانيون، وآخرون كانوا «أعضاء في حزب المؤتمر نظريا، ولكنهم ينتمون بروحهم إلى منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانج أو منظمة هندو ماهاسابها».
2
وكان منهم ذوو الفلسفة الاقتصادية الاشتراكية، بينما ناصر آخرون حقوق ملاك الأراضي. وإلى جانب التباين الذي انطوى عليه حزب المؤتمر في داخله، فقد رشح أيضا أعضاء مستقلين من مختلف الطوائف الهندية والجماعات الدينية، كما كفل تمثيل المرأة، وسعى إلى الاستعانة بخبراء القانون بصفة خاصة، ومن ثم «لم يكن ثمة طيف من أطياف الرأي العام لم يمثل في الجمعية التأسيسية».
Unknown page