Hind Ma Bacd Ghandi

Lubna Cimad Turki d. 1450 AH
113

Hind Ma Bacd Ghandi

الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم

Genres

على رأس حزب المؤتمر، كان رئيس الوزراء جواهر لال نهرو. واجه نهرو عائقين رئيسيين في تصديه للراديكاليين اليساريين واليمينيين؛ أولا: كان نهرو معتدلا، وعادة لا تفضي الوسطية إلى نوعية الخطب العصماء التي تهيج الرجال وتدفعهم إلى الحركة. وثانيا: كان نهرو وزملاؤه أكبر سنا بكثير من خصومهم السياسيين؛ ففي عام 1949، كان نهرو نفسه في الستين من عمره، وهو عمر يفترض بالرجل الهندوسي عندما يبلغه أن يعتزل الحياة اليومية ويعتنق الحياة الرهبانية.

كان نهرو يعتبر منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانج أكبر الخطرين، وهو رأي اختلف معه فيه آخرون في حكومته، أبرزهم فالابهاي باتيل. الغريب أن إم إس جلوالكر كان قد كتب إلى باتيل عارضا المساعدة في محاربة عدوهما المشترك؛ الشيوعيين. قال في رسالته: «إذا استغللنا سلطة حكومتك والقوة الثقافية لمنظمتنا، فسرعان ما سنتمكن من التخلص من الخطر الشيوعي.»

44

راقت فكرة الجبهة المتحدة تلك لباتيل، بل ربما تكون هي التي حدت به إلى التفكير في احتواء منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانج داخل حزب المؤتمر.

واقع الأمر أن أعضاء المنظمة لم يسمح لهم بالانضمام إلى الحزب، ولكن جلوالكر ظل طليقا، متمتعا بحرية عرض آرائه على من اختاروا الاستماع إليها. في الأسبوع الأول من نوفمبر 1949، ألقى خطابا أمام جمهور بلغ 100 ألف شخص في حديقة شيفاجي ببومباي. وقد وصفه أحد الصحفيين الحاضرين بأنه «رجل متوسط الطول، غائر الصدر، شعره طويل مرسل غير مهذب، وله لحية متدلية». كان يبدو رجلا هندوسيا زاهدا بريئا، عدا أن «عينيه السوداوين الثاقبتين الغائرتين في محجريهما منحاه المظهر التقليدي لمشعوذ على وشك تنفيذ حيلة مخيفة». وقبل أن يبدأ حديثه، قدمت له نواد متخصصة في كمال الأجسام والفنون القتالية أطواقا من الزهور. كان الحديث في حد ذاته «فائر الحماس» في إشادته بفضائل الثقافة الهندوسية، وعلى حد تعبير الصحفي: «لقد قدم العلاج الشافي لعلل الأمة كافة، وهو: تنصيب جلوالكر فوهرر للهند قاطبة.»

45

بعد أسبوع جاء جواهر لال نهرو لإلقاء خطبة في بومباي، وكان مكان الخطبة هو نفس المكان الذي ألقى فيه جلوالكر خطبته: حديقة شيفاجي؛ واحة المروج الخضراء في قلب المستعمرات السكنية المزدحمة في وسط بومباي، التي كانت تغلب عليها الطبقة الوسطى من متحدثي اللغة الماراثية. استخدم نهرو مكبر الصوت ذاته الذي استخدمه جلوالكر ، والذي أمدته به شركة موتواني شيكاجو للهواتف والإذاعة. إلا أن الرسالة التي نقلها كانت مختلفة اختلافا بينا؛ إذ تحدث عن الحاجة إلى حفظ السلام الاجتماعي داخل الهند، إضافة إلى السلام بين الدول المتناحرة خارجها.

ألقى نهرو خطابه في عيد ميلاده الستين يوم 14 نوفمبر 1949، وما كان ليتمنى هدية أفضل من مشاعر الود الفياضة التي أعرب عنها أبناء بلده ذلك اليوم. كان المنتظر أن يصل بومباي الساعة 4:30 عصرا؛ فقبل ساعة على هبوط طائرته في مطار سانتا كروز، «أخذ الناس يغلقون محلاتهم وتوقفوا عن العمل حتى يتمكنوا من رؤية نهرو، وتزاحموا على الأرصفة وفي الشوارع قبل أن تمرق إلى جوارهم السيارة المكشوفة ذات اللون الأحمر الداكن التي استقلها نهرو بوقت طويل. وأثناء مروره استرعت الانتباه عاصفة من التلويح والهتاف».

وصل نهرو - بعدما اغتسل وبدل ثيابه - بعد ساعة إلى حديقة شيفاجي. وهناك «توافدت حشود غير مسبوقة إلى ساحة الميدان الفسيحة للاستماع إليه؛ فتجمع أكثر من 600 ألف شخص في تلك الأمسية الخالدة. كان ثمة كتلة بشرية فائرة الحماس، من رجال ونساء وأطفال أتوا ... للاستماع إليه؛ إذ كانوا ما زالوا مؤمنين بقيادته وقدرته على توجيههم في الفترة العصيبة المقبلة المليئة بالتحديات».

46

Unknown page