Hind Ma Bacd Ghandi
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
Genres
25
في صيف عام 1947، إذ انتشرت أعمال العنف في البنجاب من قرية لأخرى، اختطف الهندوس والسيخ في شرق المقاطعة نساء مسلمات وأبقوهن في حوزتهم، ورد الطرف الآخر بالمثل؛ فأسر الرجال المسلمون فتيات صغيرات من الهندوس والسيخ. إلا أنه بعدما هدأت الأوضاع وجفت الدماء، اتفقت الحكومتان الهندية والباكستانية على ضرورة إعادة الأسيرات إلى أهلهن.
على الجانب الهندي، تولت مريدولا سارابهاي ورامشواري نهرو قيادة عملية استعادة النساء المخطوفات. كلاهما كانتا من عائلة أرستقراطية، وقادمتين من خلفية قومية متينة. وقد نالتا التشجيع والدعم في عملهما من جواهر لال نهرو، الذي أبدى اهتماما شخصيا بالغا بالمسألة. وفي بيان موجه للاجئين أذيع في الإذاعة، تحدث رئيس الوزراء تحديدا عن «أولئك النساء اللاتي وقعن ضحية تلك المحن كلها»، وطمأنهن أنهن «لا ينبغي أن يشعرن بأننا ينتابنا أي نوع من التردد حيال إعادتهن، أو يراودنا أي شك في عفتهن. نريد أن نعيدهن عن محبة؛ لأن الخطأ لم يكن خطأهن؛ فقد اختطفن قسرا. ونريد أن نعيدهن بكل كرامة، ونرعاهن بكل حب. لا ينبغي أن يساورهن شك في أنهن سيعدن إلى أهلهن ويحصلن على كل مساعدة ممكنة».
26
جرى تتبع النساء المخطوفات فرادى، الواحدة تلو الأخرى. وعند تحديد موقع إحداهن، كانت الشرطة تدخل القرية وقت الغروب، بعد عودة الرجال من الحقول. كان ثمة «مخبر» يرشدهم إلى منزل المختطف. عادة كان المختطفون ينكرون أن النساء الموجودة في حوزتهم مخطوفات. وبعد تجاوز اعتراضاتهم - أحيانا بالقوة - كانت الشرطة تأخذ النساء المخطوفات إلى معسكر حكومي أولا، ثم تنقلهن عبر الحدود.
27
بحلول شهر مايو لعام 1948، كان نحو 12500 امرأة قد عثر عليها وأعيدت إلى أهلها. المفارقة - والمأساة - أن كثيرا من النساء لم يرغبن في أن ينقذن؛ إذ كن قد توصلن إلى نوع من السلام النفسي مع وضعهن الجديد بعد الأسر. وعند المطالبة بعودتهن، انتابهن شك كبير في كيفية استقبال أهلهن لهن؛ فقد صرن «نجسات»، ولتزداد الأمور تعقيدا، كثير منهن كن حبليات. هؤلاء النساء كن يعلمن أنه حتى لو قبلن هن، فأطفالهن الذين ولدوا من صلب «العدو» لن يقبلوا أبدا. في كثير من الأحيان، كانت الشرطة ومعاونوها يضطرون إلى استخدام القوة لأخذ النساء، فكن يقلن: «لم تستطيعوا إنقاذنا آنذاك؛ فبأي حق ترغموننا الآن؟»
28
6
تفاقمت أزمة اللاجئين إثر النقص الحاد في الغذاء ؛ فبعد انتهاء الحرب راحت واردات الحبوب ترتفع باطراد؛ إذ زادت من 0,8 مليون طن عام 1944 إلى 2,8 مليون طن بعد أربعة أعوام. وفي عشية الاستقلال، وجد سياسي مار بمقاطعة شرق جودافاري رجالا ونساء يعيشون على بذور التمر الهندي، وثمار نخيل البوراس، ولحاء أشجار الجيلوجو، التي كانت تسلق معا لعمل عصيدة، تتسبب في الانتفاخ والإسهال، وأحيانا الوفاة. في العام التالي، لم تسقط الأمطار في المقاطعة الغربية من جوجارات؛ مما أفضى إلى نقص حاد في الماء والأعلاف؛ فجفت الآبار ومجاري الأنهار، ونفقت المواشي والماعز جوعا ومرضا.
Unknown page