لو كان هنالك شخص ما أقرب لعمار من «إبراهيم»؛ فهي «هبة»، ربما تعرف شيئا عن ذلك اليوم الأخير الذي اختفى فيه من الجامعة والسكن الداخلي.
أذكر أن «عمار» قد ذكر لي مكان إقامتها من قبل، أثناء حديثه عندما قام بتوصيلها للمنزل، وهو قريب من هنا بجوار السكن الداخلي، لكنني لا أذكر العنوان تحديدا، فلا بد أن أراجع التسجيلات الصوتية للجلسات حتى أستعيده.
إضافة إلى ذلك فقد حل الليل، والوقت غير صالح للزيارة في كل الأحوال.
سأعود للمنزل الآن، وأحاول مجددا يوم غد.
4
توقفت بالسيارة أمام منزل من طابقين في منطقة الثورة بأم درمان، منزل حديث الطراز تحيط به حديقة جميلة من أشجار الدمس والجهنمية، وزهور صباح الخير، يطوقها سور حديدي ذو حواف مدببة تتوعد المعتدين بالأذى الجسيم.
رحت أسير وسط روائح الزهور، حتى بلغت الباب الحديدي الخارجي، وضربت الجرس.
مرت لحظات ثم انفتح الباب عن عاملة أثيوبية جميلة المحيا، نظرت لي في تساؤل فسألتها: «هل هبة موجودة؟»
أجابتني بلغة عربية ركيكة: «غير موجودة، لا يوجد سوى أختها هادية.» - «هل يمكنني الحديث معها؟» - «انتظر لحظة.»
ثم غابت للحظات، ثم انفتح الباب بطريقة مواربة عن وجه «هادية»، فتاة دقيقة القامة، تتلفح بثوب سوداني لا بد أنها ارتدته على عجل من هيئته، قدرت أن عمرها لا يتجاوز الخمسة عشر عاما، قلت لها: «أنا دكتور جمال، أحد أساتذة «هبة» في الكلية.»
Unknown page