وسنصدقهم؛ ليس لأننا حمقى، بل لنفس الأسباب التي نصدق بها الخرافات، نرغب في تصديق ما يريحنا ويعيننا على تقبل واقعنا المزري ولو كان كذبا، عوضا عن اعتناق حقيقة قد تؤلمنا. إنها طبيعة النفس البشرية كما تعلم.» - «لا أظن ذلك، ما زلت أرى بعض الأمل.» - «وأنا لا أرى سوى الظلام الكئيب.»
أنفث الدخان في بطء، وأنا أتأمل الدخان المتراقص في فضاء المكتب.
بعين الخيال أرى صورة ذلك الطفل في زيه المدرسي المميز لطلاب المرحلة الثانوية، وقد انكفأ على وجهه في الشارع العام، وكف عن الحياة، الدماء تغرق رأسه، وتسيل على الأرض في غزارة.
أرى تلك الوالدة تضع يدها على قلبها في قلق، وترمق الأفق بنظرة ساهمة في انتظار عودته.
ربما سيطرق الباب الآن.
ربما سيعود.
أرى فشل جهود المحامين المتطوعين في تقديم أي بينة ضد أي من المتهمين بقتل المتظاهرين، وتقييد القضايا ضد مجهولين.
لا يوجد متهمون يا سادة، فانفضوا.
أرى النظرات الحزينة البائسة على الأجساد النحيلة في الشوارع، وقد ازدادت حزنا وبؤسا واستسلاما.
خطؤهم الشنيع أنهم سمحوا لأنفسهم ببعض الأمل عند انطلاق الانتفاضة الشبابية، ظنوا أنها ستكون اللحظة الفارقة في إخراجهم من بؤسهم الذي استمر قرابة ربع قرن من الزمان.
Unknown page