لا أعرف بالضبط فيم كان يفكر، ولكنني أستطيع رؤية النظرة الخالية من أي تعبير التي كست وجهه. نظرة من لم يعد لديه شيء ليخسره.
هل فكر في أمه العجوز الطيبة وأخته، وهو يغلق عينيه للأبد؟!
هل بكى؟
لن أعرف أيضا.
كل ما أستطيع تقديمه هو مجموعة من الفرضيات، ونظرتي الخاصة لما حدث، خصوصا بعد كم الغموض الذي غلف حياته ووفاته.
ما أعرفه يقينا أنه كان يحتوي على أشلاء شخصية مبعثرة للغاية، شخصية مرضية غير سوية، فشلت في التعاطي مع المجتمع ومع الواقع كما هو.
لكنه برغم كل شيء قد صنع معناه في الحياة كما شاء.
كسر شماعة الظروف والرضا بالمقسوم في حياته. لم يستطع الواقع أن يسيطر عليه كباقي الظانين مثلي. إنهم بطول تواجدهم في الحياة فقد عاشوا حيواتهم الباهتة لنهايتها.
شربوا من كأسها المترع، حتى آخر نقطة.
فيما أرى، فهو وأمثاله سيلهمون شباب هذا الجيل والأجيال التالية في هذا البلد التعس. هو وكل الشباب الصادق النضر الذي هتف معه في شوارع الخرطوم. إنهم يستطيعون التغيير حقا.
Unknown page