واعتقد راي أنه إذا كانت ليا قد أوقفت إحدى السيارات المارة على الطريق لتسافر فيها، فإنها بذلك تكون قد ركبتها قبل هبوب العاصفة، وهو أمر يمكن أن يكون جيدا أو سيئا.
قالت الإذاعة إنها كانت أقل من الطول المعتاد بقليل، في حين أن راي كان يرى أنها تجاوزت الطول المعتاد بقليل؛ وإنها ذات شعر مسترسل يتوسط لونه بين البني الفاتح والبني الداكن، بينما كان يرى راي أن شعرها بني داكن جدا يكاد يقترب من اللون الأسود.
لم يشارك والدها في عمليات البحث؛ ولا أي من إخوتها. بالطبع لن يشاركوا؛ فالأولاد كانوا يصغرونها ولا يغادرون المنزل مطلقا دون موافقة والدهم على أية حال. وعندما ذهب راي إلى منزلها سيرا على الأقدام واتجه ليقرع الباب، فتح بالكاد، ولم يتوان والدها عن أن يقول له إن ابنته أغلب الظن قد هربت، وأن عقابها ليس في يده الآن بل هو بيد الرب. ولم يدع راي للدخول إلى المنزل ويستشعر بعض الدفء؛ فربما ما زال المنزل خاليا من أي نوع من أنواع التدفئة.
سكنت العاصفة بالفعل في منتصف اليوم التالي تقريبا، وظهرت جرافات الثلوج وجرفت الثلج من شوارع البلدة، وقد فعلت جرافات المقاطعة نفس الشيء في الطريق السريع، وأخطر السائقون بأن ينتبهوا؛ فقد يكون هناك شخص متجمد وسط أكوام الثلوج.
وفي اليوم التالي، وصلت سيارة البريد وكانت تحمل خطابا، ولم يكن الخطاب موجها لأي فرد من عائلة ليا، بل كان من أجل القس وزوجته. كان الخطاب مرسلا من ليا تخبرهم فيه أنها قد تزوجت، والعريس هو ابن القس الذي كان عازفا لآلة الساكسفون في فرقة من فرق موسيقى الجاز. كان هو من أضاف كلمتي «مفاجأة، مفاجأة» في أسفل الخطاب، أو هكذا قال البعض، بالرغم من أن إيزابيل تساءلت كيف يمكن لأي شخص أن يعرف هذا، إلا إن كان العاملون في مكتب البريد لديهم عادة فتح مظاريف الخطابات بالبخار.
لم يكن عازف الساكسفون يعيش في هذه البلدة عندما كان طفلا؛ فقد كان والده يعمل قسا في مكان آخر حينها، وكان هو لا يزور البلدة إلا نادرا جدا، ومعظم الناس لم يكن يمكنهم حتى أن يصفوا لك شكله؛ فهو لم يكن يذهب إلى الكنيسة مطلقا، وقد أحضر معه امرأة إلى المنزل منذ عامين، وكانت شديدة الأناقة والتبرج. وقيل إنها زوجته، لكن من الواضح أنها لم تكن كذلك.
كم مرة ذهبت فيها الفتاة إلى بيت القس للقيام بأعمال الكي وكان لاعب الساكسفون موجودا هناك حينها؟ حاول البعض استنباط ذلك. لم تكن سوى مرة واحدة فقط؛ كان هذا ما ترامى إلى مسامع راي في قسم الشرطة حيث يمكن أن تنتشر النميمة هناك تماما مثلما تنتشر بين السيدات.
رأت إيزابيل أنها قصة رائعة. ولم يكن ما حدث نتيجة خطأ من هربا؛ فهما لم يستدعيا العاصفة الثلجية، على أية حال.
واتضح أنها هي نفسها كانت تعرف بعض المعلومات القليلة عن عازف الساكسفون؛ فقد رأته ذات مرة في مكتب البريد عندما تصادف أن كان في إحدى زيارته لمنزله، وكانت هي وقتها في حالة صحية جيدة مكنتها من الخروج من المنزل. كانت قد أرسلت في طلب إحدى الأسطوانات الموسيقية لكنها لم تأت. سألها عن محتوى الأسطوانة وأجابته حينها، وهو شيء لا تستطيع تذكره الآن، وقد أخبرها آنذاك عن معرفته بنوع آخر من الموسيقى . هناك شيء جعلها واثقة من أنه ليس من أهل البلدة؛ الطريقة التي كان ينحني بها نحوها، ورائحة لبان جوسي فروت القوية التي كانت تفوح منه. لم يذكر لها شيئا عن القس، لكن أخبرها أحدهم عن صلته به، وذلك بعدما ودعها وتمنى لها حظا سعيدا.
كانت كلماته أقرب إلى المغازلة، أو تعبيرا عن ثقته من أنها لن تصده. أو بعض الهراء كدعوته للاستماع إلى الأسطوانة حال وصولها. وتمنت أن يكون قصده من كل ذلك مجرد المزاح.
Unknown page