ثم بعد ذلك ذكرت ماتيلدا. كانت تنحدر مباشرة من نسل ويليام الفاتح، وكانت تتسم بالقسوة والغطرسة كما هو متوقع، بالرغم من أنه قد يكون هناك أشخاص أغبياء بدرجة كافية بحيث يدافعون عنها لأنها امرأة. «لو أمكنه الانتهاء منها، لأصبحت رواية رائعة جدا.»
كان جاكسون يعلم بالطبع أن الكتب تظهر للنور لأن هناك أشخاصا يجلسون ويكتبونها؛ فهي لا تظهر من عدم. لكن السؤال هو: لم ذلك؟ كانت هناك كتب موجودة بالفعل، هناك الكثير منها، ومنها اثنان كان عليه أن يقرأهما أيام المدرسة؛ «قصة مدينتين» و«مغامرات هاكلبيري فين»، وكان كل منهما مكتوبا بلغة تتعبك على الرغم من اختلاف أسلوبهما في هذا الإطار. وكان ذلك شيئا مفهوما؛ فلقد كتبا في الماضي.
لكن الشيء الذي أثار حيرته، بالرغم من أنه لم يكن ينوي الإفصاح عنه، هو السبب وراء رغبة أي شخص في تأليف كتاب آخر في الحاضر؛ أي في وقتنا هذا.
قالت بيل في خفة: المأساة. ولم يكن جاكسون يدري إن كانت تتحدث عن والدها أم عن أحد الأشخاص الموجودين في الكتاب الذي لم يكتمل.
على أية حال، والآن بعد أن أصبحت هذه الغرفة ملائمة للعيش، كان تفكيره يتجه نحو سقفها؛ فليس ثمة فائدة من إصلاح غرفة وحالة سقفها تجعلها غير ملائمة للعيش ثانية في غضون سنة أو اثنتين. لقد نجح في ترميمه، وهكذا سيظل صالحا لفصلي شتاء آخرين، لكنه لم يكن ليضمن لها أكثر من ذلك. وكان لا يزال عازما على الرحيل بحلول عيد الميلاد. •••
كانت عائلات المينوناتيين في المزرعة المجاورة تعتمد على الفتيات الأكبر سنا؛ حيث إن الصبية الأصغر سنا الذين رآهم لم يكونوا على درجة كافية من القوة تمكنهم من أداء المهام الأكثر صعوبة. وقد استطاع جاكسون أن يحصل على عمل لديهم خلال فترة الحصاد في فصل الخريف، وقد تمت دعوته لتناول الطعام مع الآخرين، ويا لدهشته حين وجد أن الفتيات كن يتصرفن بحماس وهن يقدمن له الطعام، ولاحظ أنهن لا يعانين من البكم، كما توقع. لاحظ أن الأمهات كانت تعتني بهن ، وأن الآباء كانوا يراقبونه هو عن كثب، وشعر بالسعادة لعلمه أنه كان بمقدوره إرضاء كلا الطرفين. ولقد لمسوا أن ليس ثمة ما يثير المشاكل بالنسبة إليه؛ فكل شيء كان على ما يرام.
وبالنسبة إلى بيل، فليس بالطبع ثمة شيء يشوبها.
لقد كانت تكبره بستة عشر عاما، وهذا هو ما اكتشفه. وذكر ذلك، وحتى المزاح بشأنه، كان سيفسد كل شيء؛ فهي امرأة ذات طبيعة خاصة، وهو نوع خاص من الرجال. •••
كانت البلدة التي كانا يذهبان إليها للتسوق، حينما كانا يحتاجان إلى ذلك، تسمى أوريول. كانت تقع في الاتجاه المعاكس من البلدة التي نشأ بها. ربط الحصان في المكان المخصص لذلك والملحق بالكنيسة المتحدة، حيث لم تكن توجد بالطبع مرابط للحيوانات في الشارع الرئيسي. في البداية كان يشعر بالارتياب تجاه متجر الأدوات المعدنية وصالون الحلاقة، لكنه سرعان ما أدرك شيئا عن البلدات الصغيرة، وهو شيء كان ينبغي أن يدركه من خلال نشأته في واحدة من تلك البلدات؛ فليس بينها أي علاقة، اللهم إن كانت هناك مباريات بين فرقها في ملاعب البيسبول أو ملاعب الهوكي؛ حيث يكون ثمة نوع مصطنع ومحموم من العداء بينها. وحينما كانا بحاجة إلى شراء شيء لا توفره لهما المتاجر التي يتعاملان معها، كانا يذهبان إلى إحدى المدن. وكانا يفعلان ذلك بالمثل عندما يريدان استشارة طبيب بخلاف الأطباء الذين توفرهم لهما بلدتهما. ولم يكن يلتقي بأي شخص يعرفه، ولم يظهر أحد فضولا نحوه، بالرغم من أنهم قد ينظرون باهتمام نحو الحصان الذي كان معه. ولأن الطرق الخلفية في شهور الشتاء، أو غيرها، لم تكن تجرف، فقد كان يجب على الأشخاص الذين يأخذون ألبانهم إلى متجر الألبان أو بيضهم إلى متجر البقالة؛ الاستعانة بالخيول، مثلما كان يفعل هو وبيل.
كانت بيل دائما ما تتوقف لترى ما هي الأفلام المعروضة، بالرغم من أنها لم تكن تنوي الذهاب لمشاهدة أي منها. كانت معلوماتها عن الأفلام ونجومها غزيرة، ولكنها كانت مستقاة منذ سنوات مضت؛ مثل رواية ستيفن وماتيلدا، فيمكنها على سبيل المثال أن تخبرك عن المرأة التي تزوجها كلارك جيبل في الواقع قبل أن يمثل شخصية ريت بتلر.
Unknown page