كذلك فهو مظنون البقاء، واستنتجنا من هذا أن الطهارة باقية ظنا، فالدليل حقيقة للبقاء، هو " كون الطهارة كائنة في السابق، غير مظنونة الارتفاع في اللاحق " ولا يعرف المصنف رحمه الله الاستصحاب إلا بهذا، غير أنه بدل " غير مظنون الارتفاع " بقوله: " مشكوك البقاء "، فهو رحمه الله قد عرف الاستصحاب - الذي هو من الأدلة - بحاصل تعريف العضدي - الذي هو الدليل في الحقيقة -.
وكأن شارح الوافية - السيد صدر الدين - فهم هذا من كلام العضدي، حيث قال - بعد تعريف صاحب الوافية للاستصحاب، بأنه التمسك بثبوت ما ثبت في وقت على بقائه في غير ذلك الوقت (1) -: " لا يخفى أن هذا التعريف كأكثر التعاريف لا يخلو عن مسامحة، لان الاستصحاب ليس نفس التمسك، بل هو المتمسك به " ثم نقل تعريف العضدي واستجوده (2).
أقول: لا يخفى أن المتمسك به - الذي جعله السيد معنى الاستصحاب - ليس إلا ثبوت ما ثبت في السابق، لان صاحب الوافية، قال: " هو التمسك بثبوت ما ثبت على بقائه " بأن يقال: إن الحكم الفلاني قد كان ولم يعلم عدمه، وكل ما كان فهو باق، فجعل المتمسك عليه هو البقاء، والمتمسك به هو ثبوته سابقا.
فاستجواده تعريف العضدي يدل على أنه فهم منه ما ذكرنا من أنه - أي العضدي - أراد أن الاستصحاب هو كون شئ في السابق وعدم الظن بعدمه في اللاحق، لأنه المساوق للمتمسك به الذي هو ثبوت ما ثبت.
Page 50