Harb Wa Salam
الحرب والسلم (الكتاب الأول): إلياذة العصور الحديثة
Genres
وأشفع قوله بحركة من إبهامه وسبابته، ليشير إلى الكمية الضئيلة التي يجب أن تضعها في قدح الماء.
قال طبيب ألماني لأحد المساعدين العسكريين: لم يسبق مثيل لهذه البادرة؛ إذ لم ينجح أحد بعد النوبة الثالثة قط.
فقال الضابط المساعد: لقد كان معنيا به عناية شديدة!
ثم أضاف هامسا: لمن ستئول ثرواته؟
فأجاب الألماني بلغته المحطمة الركيكة وهو يبتسم: لن ينقص الأدعياء والراغبون فيها.
شخصت عيون الاثنين إلى الباب الذي كان يصر من جديد، وتابعت الأبصار الأميرة، وهي تحمل للمريض الوصفة التي أشار بها لوران، فاقترب الألماني من زميله الشهير، وسأله بفرنسية تظهر فيها رطانة أجنبية مضحكة: هل يطول به الأمر حتى الغد؟
فزم لوران شفتيه، وراح يحرك سبابته أمام أنفه حركات سلبية، وقال بتؤدة: كلا، لن يتأخر أكثر من هذا المساء.
وأشفع رأيه الحاسم بابتسامة مهذبة مقنعة وابتعد.
كان الأمير بازيل يفتح الباب المؤدي إلى غرفة الأميرة، وكانت هناك شمعتان تحترقان أمام الصور المقدسة، فتعطيان ضوءا شاحبا خافتا، والمباخر والزهور تملأ الغرفة التي تتزاحم فيها الدواليب والمناضد والخزائن، وكان يرى من وراء ستر من القماش، أطراف سرير مرتفع ذي فراش من الريش، فلما فتح الباب نبح كلب صغير: آه، أهذا أنت يابن عمي؟
نهضت الأميرة وصقلت شعرها الذي جرت عادتها على ترجيله دون عقص ولا حزم، حتى وكأنه ملتصق بفروة رأسها التصاقا، سألته: ماذا هناك؟ لقد أخفتني.
Unknown page