119

Harb Wa Salam

الحرب والسلم (الكتاب الأول): إلياذة العصور الحديثة

Genres

ثم هز رأسه بعدئذ بلهجة المؤنب وهتف: في! في! ... استمر، استمر.

وأخيرا، بعد أن انتهى آندره من حديثه، أرعد بصوت نشاز محطم يغني: مالبورغ يمضي إلى الحرب.

الله يعرف متى يعود.

أعقب آندره مبتسما: إنني لا أزعم أن ما عرضته على مسامعك هو المخطط المثالي الذي أحلم به، لكنني أروي لك ما سيكون، ولا شك أن لنابليون خطته التي تساوي هذه.

فقال الأمير الشيخ مؤيدا: هيا، إنك لم تطلعني على شيء جديد، هيا إلى مائدة الطعام.

وراح يدندن من جديد: الله يعلم متى يعود ...

الفصل السابع والعشرون

على المائدة

في الساعة المحددة لتناول الطعام، دخل الأمير العجوز قاعة الطعام وهو على أحسن زينة، فالتقى بابنته وزوجة ابنه والآنسة بوريين ومهندسه الخاص الذين كانوا ينتظرون قدومه حول المائدة، وكان الأمير - انسياقا مع هوى في نفسه - يتصل على مائدته ذلك المهندس عديم الشأن، مضفيا عليه شرفا واعتبارا، كان الأمير قليل الميل نحو اتحاد الطبقات، وكان يدعو إلى مائدته كبار موظفي المقاطعة في فترات بعيدة، مع ذلك فقط حلا له أن يظهر في شخص المهندس ميخائيل إيفانوفيتش، الذي كان يمسح أنفه بين الحين والحين بمنديل ذي مربعات، أن كل الرجال متساوون على الأرض، وكان قد ألمح أكثر لابنه أن ميخائيل إيفانوفيتش لم يكن أدنى منهم منزلة في شيء، فكان خلال أوقات الطعام يوجه جل حديثه إلى المهندس الصامت.

كان أفراد الأسرة ينتظرون قدوم الأمير في قاعة الطعام الكبيرة ذات الجدران المرتفعة أسوة بكل غرف البيت، وكان خادم يقف وراء كل مقعد، ورئيس الخدم واضعا منشفته على ذراعه، يرقب المائدة، فيعطي بين حين وآخر أوامره بعينيه للخدم، بينما كانت عيناه القلقتان، تتبعان مشية عقارب ساعة الجدار البطيئة، وتنتقلان منها إلى الباب الذي سيدخل الأمير منه، كان آندره يدقق في إطار كبير مذهب، لم يره من قبل، يحوي شجرة بولكونسكي السلالية، يرتبط بإطار آخر لا يقل عنه ضخامة، يحيط بصورة أمير مالك، جالس على عرش وعلى رأسه تاج، وهو - ولا شك - سليل روريك، وأصل أسرة بولكونسكي، كانت اللوحة سيئة التصوير، تدل على أنها من صنع رسام مبتدئ.

Unknown page