Hanin Ila Kharafa
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
Genres
إذا كان هدف العلم هو حل الألغاز فإن العلم الزائف يميل إلى التوكيد على وجود الألغاز، ويفترض عدم قابليتها للحل، وهذا موقف عقيم؛ لأنه إذا كان لغز ما - بحكم التعريف - غير قابل للحل فلماذا يضيع المرء وقته في التفكير فيه؟! (3) الاحتكام إلى الأساطير
ومفاده أن الأساطير القديمة لا بد أنها تستند إلى صنف معين من الوقائع الحقيقية التي تم تحريفها عبر الانتقال من جيل إلى جيل، ورغم أن هذا يمكن أن يحدث بغير شك فإن مجرد تشابه الأساطير لدى بعض الثقافات (تشابها سطحيا في العادة) لا يعني أن الوقائع المتبطنة لهذه الأساطير واحدة، أو حتى أنها وقعت أصلا؛ فمن الجائز تفسير ذلك بأن العقول الإنسانية تميل إلى أن تعمل على نحو متشابه، وتقدم من ثم تفسيرات متشابهة للأشياء التي لا تفهمها. (4) عدم الاكتراث بالدليل «الدليل»
evidence
هو حجر الزاوية الذي يفصل العلم عن أي جهد فكري آخر للإنسان، بما في ذلك الفلسفة (إلى حد كبير)، ولكي يكون الدليل علميا يجب أن يكون صلبا ووثيقا، فإذا استشهدنا ب «حقيقة» ما فينبغي أن نكون على درجة معقولة من الثقة بأنها تتطابق مع دليل ما يمكن التحقق منه، أما الشائعات والعنعنات فلا مجال لها في العلم. (5) فرضيات لا تقبل الدحض
لا يتسنى للعلم أن يتقدم ما لم تكن الفرضية العلمية قابلة للدحض من حيث المبدأ على أقل تقدير، فإذا ما كانت فرضيتك غير قابلة للدحض (أي غير قابلة للتكذيب
unfalsifiable ) أيا ما كانت الأدلة، فهي إذن غير ذات جدوى (هي قد تكون صادقة بطبيعة الحال ولكن لا حيلة لنا في التحقق منها). (6) التشابهات الزائفة
من الفخاخ الشديدة الخفاء التي يمكن للتفكير البشري أن يقع فيها عقد توازيات بين تصورات أو ظواهر تبدو مقبولة، غير أنها تقتضي تحليلا في العمق للتحقق منها أو إلقائها، من ذلك مثلا أن بوسع المرء أن يستنبط دلالة سرية من واقعة أن رقم لوحة سيارته هو نفس رقمه المدني، غير أن لحظة من التفكر كفيلة بأن تجعلك تستنتج أن هذا - ببساطة - هو محض صدفة، إلا أن التماثل في حالات أخرى قد يكون قاهرا أكثر، وقد تفضي التماثلات - بصفة عامة - إلى استبصارات أصيلة في الموضوع محل البحث، إلا أنها تتطلب معيارا للتحقق أعلى مما يقدمه الحدس الأول. (7) التفسير بواسطة السيناريو
ما أسهل - إذا كان لدى المرء أقل القليل من الخيال - أن يفسر شيئا ما بأن يروي قصة، أي بأن يتخيل سيناريو معقولا. أحيانا ما يقع العلماء في هذه الممارسة الخاطئة (وبخاصة - مثلا - علماء السيكولوجيا التطورية)، والحق أن السيناريوهات يمكن أن تكون مفيدة؛ لأنها قد توجه البحث في الاتجاه الصحيح، إلا أن السيناريوهات عندما تظل مجرد حكايات غير مدعومة ببيانات، لن تكون أدوات مفيدة؛ إذ إن بالإمكان دائما اقتراح العديد من السيناريوهات لتفسير نفس المعطيات، ولكن واحدا منها فقط من المفترض أن يكون صحيحا بالفعل. (8) البحث بواسطة التأويل الأدبي
يحدث هذا عندما يدعي نصير موقف علمي زائف معين أن العبارات التي يقولها العلماء مفتوحة لتفسيرات بديلة صحيحة على حد سواء. مثل هذه المقاربة تعامل التراث العلمي مثلما يتعامل المرء مع رواية أو لوحة: ليس ثمة تأويل (حتى لو كان تأويل المؤلف نفسه) أفضل بالضرورة من غيره، وهذا في مجال العلم بعيد كل البعد عن واقع الأشياء، فالعبارات العلمية تكون أكثر فائدة كلما كانت أكثر دقة وأقل التباسا، والأمثل للفرضية أو النظرية العلمية أن يكون لها تأويل واحد ممكن، وهذا التأويل إما صحيح وإما غير ذلك. (9) رفض المراجعة
من أمارات العلم الزائف أن يرفض المرء مراجعة موقفه في ضوء الأدلة الجديدة، فمهما أجريت من دراسات تجمع على عدم فاعلية التنجيم فسوف يظل المنجمون يكررون نفس الحجج في تدعيم مهنتهم. أما العلم فهو عملية ذات طبيعة مختلفة تماما، مقومها الأساسي هو المراجعة والتصحيح المستمران من أجل استيعاب الأدلة الجديدة.
Unknown page