Hanin Ila Kharafa

Cadil Mustafa d. 1450 AH
120

Hanin Ila Kharafa

الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف

Genres

العلم الزائف لا يرهق نفسه باستشارة الأعمال المرجعية، أو بالبحث العلمي مباشرة؛ فأنصار العلم الزائف يتبجحون ببساطة ب «حقائق» زائفة حيثما اقتضت الحاجة، وكثيرا ما تشكل هذه الأوهام محور حجة العالم الزائف واستنتاجاته، وفضلا عن ذلك فإن العلماء الزائفين قلما يراجعون أعمالهم؛ فالطبعة الأولى للكتاب العلمي الزائف هي دائما الطبعة الأخيرة، حتى لو أعيدت طباعته لعقود من الزمن أو حتى قرون، وحتى الكتب التي تحتوي على أخطاء أو زلات طباعية واضحة في كل صفحة قد تعاد طباعتها كما هي مرارا وتكرارا. قارن هذا بالكتب العلمية الدراسية التي تخرج طبعة جديدة كل بضعة أعوام بسبب التراكم السريع للوقائع والاستبصارات الجديدة. (2) «البحث» العلمي الزائف غير متقن دائما وأبدا

يجمع العلماء الزائفون قصاصات صحفية وأراجيف شائعة، ويحيلون إلى كتب دجلية أخرى، ويتمعنون في أعمال ميثولوجية قديمة، وقلما يقومون هم ببحث مستقل لتمحيص مصادرهم. (3) انحياز التأييد

يبدأ العلماء الزائفون من فرضية معينة (جذابة عاطفيا دائما وغير معقولة على الإطلاق) ثم يفتشون عن أي شيء يبدو أنه يؤيدها، ويتغافلون الأدلة المناقضة لها؛ ذلك أن هدف العلم الزائف هو تبرير الاعتقادات الراسخة وليس تقصي الاحتمالات البديلة، ودأبه أن يقفز إلى النتائج المريحة، ويهيب بالأفكار المسبقة والأغاليط الشائعة. (4) عدم الاكتراث بمعايير الدليل الصحيح

لا يبالي العلم الزائف بمعايير الدليل الصحيح، ولا يعتمد على التجارب العلمية المنضبطة القابلة للتكرار، بل على شهادات آحاد غير قابلة للتحقق، وحكايا وأقاويل وإشاعات ونوادر فردية مشكوك فيها.

بالنسبة للعلم الزائف فهذا يعني أن اللبخة تشفي الصداع، أما بالنسبة للعلم فهذا لا يعني شيئا حيث إنه لم تجر أي تجربة. ثمة أشياء كثيرة كانت تجري عندما ذهب الصداع عن رأس سالم: كان القمر بدرا، كانت النافذة مفتوحة، كان سالم يرتدي قميصه الأزرق ... إلخ، وكان صداعه سيذهب في النهاية في كل الأحوال وأيا كانت الأحوال. إن التجربة المنضبطة ستضع عددا كبيرا من الأشخاص الذين يعانون من الصداع في ظروف متطابقة في كل شيء عدا وجود (أو عدم وجود) العلاج الذي تريد أن تختبره، ثم تقارن النتائج التي سيكون لها عندئذ احتمال بأن تعني شيئا. يظن كثير من الناس أن علم التنجيم لا بد أن يكون على شيء؛ لأن طالع البروج في جريدة ما يصفهم بدقة، غير أن الفحص الدقيق يكشف أن الوصف هو من العمومية بحيث يشمل كل شخص تقريبا. هذه الظاهرة - وتسمى «التصديق الذاتي»

subjective validation - هي من دعائم الرواج الشعبي للعلم الزائف. (6) الاستناد إلى العرف البشري لا إلى اطرادات الطبيعة

يستند العلم الزائف إلى الأعراف الاعتسافية للثقافة الإنسانية لا إلى الاطرادات الثابتة للطبيعة، من ذلك أن تأولات التنجيم تعتمد على أسماء الأشياء، التي هي اتفاقية وتختلف من ثقافة إلى أخرى؛ فإذا كان القدماء قد أعطوا الاسم «المريخ» للكوكب الذي نسميه «المشتري» والعكس، فإن علم الفلك لن يبالي البتة بذلك، أما التنجيم فسوف يختلف كليا؛ لأنه يعتمد فقط على الاسم ولا شأن له بالخصائص الفيزيائية للكوكب نفسه. (7) يفضي العلم الزائف إلى قياس الخلف

يفضي العلم الزائف إلى «قياس الخلف»

reduction to absurdity

2

Unknown page