Hakadha Takallama Nasr Abu Zayd
هكذا تكلم نصر أبو زيد (الجزء الأول): من نص المصحف إلى خطابات القرآن
Genres
قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ... ... إلخ. وحين وصف القرآن نفسه بأنه فرقان، وكان هذا بداية للتمييز بعد التساوي والتوازي، أصبح هناك التمييز. وهذه لغة الهيمنة وقوة الخطاب، ولا تأخذوا الهيمنة بالمعنى السياسي. أنا أتكلم عن الخطاب، وليس الهيمنة بمعنى نظام الحكم ... إلخ.
أما بعد:
فنحن قلنا «أما قبل» في الأول. أما بعد الآن، فالنظرة إلى القرآن بوصفه نصا، تشجع التأويل والتأويل المضاد قديما وحديثا، «مجاز، لا حقيقة»، «اختيار، لا جبر»، لماذا؟ لأننا نظرنا للقرآن بوصفه نصا. وأنا كتبت دراسة عن إشكالية التأويل قديما وحديثا، ودخلت في التفسيرات الحديثة. تأويلات تختلف من النقيض إلى النقيض. الذي يشجع هذا التأويل والتأويل المضاد، أنك أين تحدد المحكم، وأين تحدد المتشابه؟ وهذا يخضع لأيديولوجيا المفسر. التعامل مع القرآن كنص، سواء في علم الكلام أو الفلسفة أو في الفقه، يؤدي إلى تثبيت لفضاء معنى ما، وإلغاء للفضاءات الأخرى. معنى هل الزواج من الكتابيات محرم أم مكروه أم محلل. الفقه يحاول أن يطرح معنى نهائيا ومعنى ثابتا، بينما القرآن يطرح فضاءات للمعنى. طبعا فضاءات المعنى لا تقف عند حدود الفقه، عند حدود التشبيه والتنزيه، تتسع لتشمل التشبيه والتنزيه. كل محاولات التأويل والتأويل المضاد قائمة على مفهوم النص، تسعى إلى تثبيت معنى، وإلغاء معان أخرى إما باعتبارها متشابها، أو باعتبارها أن تؤول تأويلا مجازيا.
ما المعنى الذي يسود في هذه الحالة؟ معنى منطق القوة وليس منطق المعرفة. معنى السلطة، أين تقف السلطة من المعنى؟ السلطة السياسية. وهنا لما المأمون وقف مع خلق القرآن، فرض عقيدة خلق القرآن، قوة الدولة هنا. بعد ذلك المتوكل، تغير انحياز الدولة تغير المعنى الديني، لماذا؟ لأنه لا يقوم الفهم على منطق الجدل والحوار بين الأفكار، وإنما يقوم على منطق القوة، القوة غالبا سياسية، القوة السياسية غالبا، ومن ثم القوة الاجتماعية والقوة الاقتصادية، ومن ثم ليس منطق المعرفة.
تجزؤ المعنى القرآني بين مجالات المعرفة، المعنى اللاهوتي أصبح يناقش عند المتكلمين والفلاسفة، المعنى التشريعي القانوني يناقش عند الفقهاء، المعنى الروحي والأخلاقي يناقش عند المتصوفة. وحصل هذا التجزؤ، هذا التشتت، وهنا غاب أن نبحث عن الرؤية القرآنية للعالم، يعني عن الروحي في التشريعي، وعن الأخلاقي في التشريعي. هذا كله صار غائبا، بينما في منطوق الآيات نجد هذا الترابط بين الروحي والأخلاقي من جهة، والتشريعي من جهة أخرى.
لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم (22/الحج: 37) لا يمكن فصل الأخلاقي هنا والروحي عن التشريعي، لكن علم الفقه كله قام على التشريعي (طبعا لما أقول علم الفقه كله قام ليس معناه أني لا أستبعد تماما أن بعض الفقهاء تعاملوا مع الأخلاقي، وإنما الغالب بشكل عام). الرؤية القرآنية للعالم، كيف يمكن الوصول إليها؟ يمكن الوصول إليها بتحليل القرآن كخطاب، لا يميز بين التشريعي وبين اللاهوتي والروحي والأخلاقي. ثنائية العقل والنقل كلها قائمة على أن القرآن نص وليس خطابا.
هذا المطبخ كما قلت ما زلت أعمل فيه، وشكرا لكم والى اللقاء. (2) النقاط التي اعتمد عليها نصر أبو زيد في إلقاء محاضرته
إعادة تعريف القرآن: من «النص» إلى «الخطاب»
أما قبل.
باحث ولست صاحب مشروع فكري.
Unknown page