Hakadha Takallam Zaradusht
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Genres
1
وبعد أن أنشد كل من المسافر والخيال نشيده ضج الغار بالحركة والضحك، فأخذ الجميع يتكلمون في آن واحد حتى الحمار نفسه، فوقف زارا غاضبا ساخرا بضيوفه بالرغم من تسرب شيء من فرحهم إلى قلبه؛ إذ رأى في هذا الحبور أول أعراض الشفاء، فانسحب إلى خارج الغار، وبدأ يخاطب نسره وأفعوانه قائلا: أين ذهب يأسهم، أراهم نسوا ذلك اليأس عندي ولكنهم لم ينسوا الصراخ بعد.
وسد زارا أذنيه؛ إذ تعالى نهيق الحمار يزيد في جلبة هؤلاء الرجال الراقين.
وقال: إنهم فرحون ولعلهم تعلموا مني، ولكن ضحكتهم ليست ضحكتي.
لا بأس فهم شيوخ يمثلون إلى الشفاء بالذهاب على سبيل تخيروه، ولقد احتملت أذناي من قبل أشد من هذه الجلبة وهذا الصخب.
إنه ليوم انتصار هذا اليوم؛ لأن الروح الكثيف يتراجع إلى الوراء وهو عدوي اللدود، لقد بدأ هذا النهار شؤما ولعله ينتهي إلى خير.
ها إن المساء قادم ممتطيا جواده قاطعا البحار على سرجه الأرجواني.
إن السماء تحدجه بلفتات الحبور والأرض تتراخى على أسرارها، فالحياة تستحق الاهتمام قربي أيها النازلون ضيوفا علي.
وإذ دارت الجلبة في الغار أردف زارا قائلا: إنهم تعلموا الضحك لنفسهم فقد فارقهم الروح الكثيف، وهذا تأثير غذائي وآياتي، والحق أنني ما قدمت لهم من الأغذية ما تنتفخ به الأحشاء، بل ما يليق بالمجاهدين فنبهت فيهم شهوات جديدة.
ها إن سواعدهم وأقدامهم تمتلئ أملا جديدا، وقد تمددت قلوبهم فوجدوا بيانا جديدا يولد المرح في تفكيرهم.
Unknown page