قالت: «لقد سرني أنك خطبتها فإنها زينة بنات المدينة، وأظنها باقية لأني لم أرها خرجت، وعلى كل حال تعال معي فندخل القاعة فتمكث أنت مع الجلوس من الرجال وأدخل أنا إلى مجلس النساء وراء الستار حيث تقيم سكينة وصاحباتها فأبحث عن سمية.»
قال: «أرجو أن تجمعيني بها ساعة لا يرانا فيها أحد سواك؛ لأني خطبتها منذ ثلاثة أعوام وجئت المدينة بالأمس، وها أنا ذا خارج الآن ولم أشاهدها أو أخاطبها.»
قالت: «لك علي ذلك.»
قال: «خير البر عاجله، فإني مسافر عند الغروب.»
قالت: «ألا تؤجل سفرك إلى غد؟»
قال: «كنت أود ذلك ولكنني على موعد مع صديق لكي نسير معا، وسيوافيني عند الغروب إلى باب المدينة.» ثم غير مجرى الحديث فقال: «وأوصيك بأشعب الطماع فإنه يحضن بيضا عقابا له على ذنب ارتكبه وقد وعدته بأن تتوسطي له لدى مولاته سكينة، فلا تنسيه.»
فضحكت وقالت: «قبحه الله، ما أكثر مزاحه، ولكنه وافق هوى في نفس سكينة، فهي كذلك تحب المزاح، وقد تعودت معاقبته بمثل ذلك العقاب، وحضن بيضا مرة حتى فقس وخرجت فراريجه فملأت الدار، وهي تسميها «بنات أشعب». إني ذاهبة وسأكلمها في شأنه، فتعال معي واجلس مع الجالسين فإذا لقيت سمية أومأت إليك فتخرج.» •••
دخلت ليلى ودخل حسن في أثرها، ثم أطل على القاعة فإذا هي واسعة وقد فرشت بالطنافس الثمينة، وحولها الوسائد المزركشة، وفي صدرها ستارة عليها صور أشجار وطيور ملونة خلفها سكينة ونساؤها بحيث ترى الضيوف ولا يرونها.
ورأى في القاعة جماعة قد تصدرهم خمسة عليهم لباس البدو، فسألها: «من هؤلاء المتصدرون؟»
قالت: «هم الشعراء. ألا تعرف أحدا منهم؟»
Unknown page