201

Hadarat Hind

حضارات الهند

Genres

وعد مؤسس البدهية نفسه، كإخوانه الذين افترض ظهورهم قبله حاملين لاسم بدهة، وليا صفت جبلته بحيوات سابقة فأوشك أن يصل إلى الفناء الأسمى.

وأنشئ أكثر معابد نيبال أهمية، ولا سيما معبد شمم بهوناتهه، تقديسا لآدي بودهة، ومثل الثالوث البدهي «بدهة ودهرما وسنغها» في تماثيل جالسة على زهرة سدر، وفي هذه التماثيل بدا بدهة ذا ذراعين وبدا سنغها ودهرما ذوي أربع أذرع، ومن ذلك الثالوث بدت دهرما وحدها، إلاهة المادة، على شكل امرأة.

ويجيء بعد الثالوث البدهي، كموضوعات للعبادة، صور مؤسس البدهية وأسلافه من الآلهة والبشر، ثم تجيء آلهة الهندوس: مهانكال مثال شيوا، وكالي زوجة شيوا، وإندرا ملك السماء، وغرودا الإله ذو الرأس العصفوري، وغنيشا الإله ذو الرأس الفيلي، وآلهة الحكمة، إلخ، وهذا الإله الأخير هو من أعظم الآلهة احتراما وتجد صورته في مداخل جميع المعابد، وبعبادة هذا الإله البرهمي الخالص تباشر جميع الشعائر البدهية.

شكل 3-14: أحمد آباد. مقدم المسجد الكبير «القرن الخامس عشر من الميلاد»، «ارتفاع الجبهة : 13 مترا و50 سنتيمترا»، «أنشئت مباني أحمد آباد المهمة المرسومة في هذه الصورة وفي الصورة الآتية في العصر الإسلامي على الطراز الهندي المعروف بالجيني، وهي لا تختلف عنه إلا بما أضيف إليها من الأقواس والدقائق الثانوية وبخلوها من التماثيل.»

وانتحل بدهيو نيبال الرمز الهندوسي مع تحريف مدلوله، فهم قد عدوه الرمز السدري الذي تجلى به آدي بودهة على صورة لهيب بدلا من عده رمزا إلى قدرة شيوا على الإبداع.

وقد بدل شكلا مع ذلك، فنقشت أربعة وجوه لبدهة على جوانبه، كما علته زخارف بدهية.

ومما قلناه ترى درجة اختلاط بدهية نيبال بالبرهمية، ولهذه البدهية أثر في البرهمية كذلك، فيمثل بدهة في المعابد التي أنشئت تمجيدا لشيوا، ويقصد أتباع كلتا الديانتين كثيرا من المعابد ذوات الآلهة المشتركة.

وما تشاهده من امتزاج تينك الديانتين في المعابد تجد مثله في الأساطير التي تكثر في نيبال، وتجد مثل هذا الامتزاج في الأعياد الدينية التي يتعذر تمييز البدهي من البرهمي فيها، ويزور الحجيج معابد تينك الديانتين، على السواء، زيارة المؤمن المطمئن.

تلك هي حال البدهية في نيبال في الوقت الحاضر، ويمكن الناقد البصير أن يبصر منذ الآن انصهارها في البرهمية قبل انقضاء قرنين أو ثلاثة قرون مستندا إلى ما ذكرناه، وقد يعزو السائح، الذي يجهل في المستقبل دور التطور الذي تجاوزه الآن كما جهل المؤرخون المعاصرون تطور البدهية السابق في الهند، أفول البدهية عن نيبال إلى شدة الاضطهاد مستشهدين بأطلال المعابد التي تستره إذ ذاك.

بيد أن السائح الذي أتخيل ظهوره في المستقبل إذا لم يقتصر على درس بقعة واحدة من بقاع الهند فصبر فجاب جميع أرجائها نفذت مبادئ التطور الديني نفسه فصانته عن مثل ذلك الخطأ، فمن أجل هذا نرى أن تقصي الهند أفضل من مزاولة كتب التاريخ بمراحل، فالهند هي البلد الوحيد الذي يمكن الباحث أن يبصر فيه عند انتقاله من مكان إلى آخر سلسلة التطور التي جاوزها البشر منذ عصور ما قبل التاريخ إلى الوقت الحاضر، فبذلك الدرس الحي يطلع الباحث على التطورات السابقة التي اتفقت للنظم والمعتقدات فلا تنص الكتب في الغالب إلا على أقصى وجوهها. (6) المذاهب الفلسفية في البدهية

Unknown page