============================================================
بين الجنة والنار، يرجو ثواب هذه، ويخاف عقاب هذه، ولقد أعتق من ماله ألف ملوك في طلب وجه الله، والنجاة من النار، مما كد بيده، ورشح منه جبينه، وإن كان ليقوت أهله بالزيت والخل والعجوة، وما كان لباسه إلا الكرابيس، إذا فضل شيء عن يده من كمه دعا بالجلم فقصه، وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد، وان كان أقرب القوم شبها به في لباسه وفقهه علي بن الحسين عليهما السلام.
وعن عروة بن الزبير قال: كنا جلوسا في مسجد رسول اللهوه، فتذاكرنا أعمال بدر، وبيعة الرضوان، فقال أبو الدردآء : ألا أخبركم بأقل القوم مالا، واكثرهم ورعا، وأشدهم اجتهادا في العبادة؟ قالوا : من هو؟ قال: علي ابن أبي طالب، قال: فوالله إن كان في جماعة أهل المجلس إلا معرض عنه بوجهه، ثم ابتدر له رجل من الأنصار فقال له: يا عويمر لقد تكلمت بكلمة ما وافقك عليها احد منذ اتيت بها فقال أبو الذردآء: يا قوم إني قآئل ما رأيت، وليقل كل امرء ما رأى؛ شهدت عليا، وقد اعتزل عن مواليه، واختفى ممن يليه، واستتر بفسلان النخل، فافتقدنه فقلت: لحق بمنزله، فاذا أثا بصوت حزين، ونفمة شجي، وهو يقول: إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بتعمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري، وعظم في الصحف ذتبي، فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك، فشفلني الصوت، واقتفيت الاثر، فاذا هو علي عا بعينه، فاستترت منه، وأخملت الحركة، فركع ركعات في جوف الليل الغابر، ثم فزع إلى الدعآء والاستغفار والبكاه، والبث والشكوى، فكان مما ناجى به ربه أن قال: إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم عليه بليتي، ثم قال: آه إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها، فتقول: خذوه، قياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته، يرحمه الملأ إذا أذن فيه بالندآء، ثم قال : آه من نار تنضج الاكباد والكلنى، آه من نار نزاعة للشوى، آو من ملهبات لظى (53)
Page 66