Hadaiq Wardiyya

Mahalli d. 652 AH
137

Hadaiq Wardiyya

Genres

============================================================

ميع أمورك تنجو مع الناجين غدا، يا غلام، إن تزرع هذا الكلام نصب عينيك ينفعك الله به، ثم أطلق عنان البغلة من يده، وقرص بطنها بعقبه، فجعلت أقفو اثره، إذ دخل سوقا من أسواق البصرة، فمسعته ت يقول : يا أهل البصرة، يا أهل البصرة، يا أهل المؤتفكة، يا أهل تدمر - أربعا - إذا كنتم بالنهار؛ الدنيا تخدمون، وبالليل على فراشكم تتقلبون، وفي خلال ذلك عن الآخرة تغفلون، فمتى ترمون الزاد؟ ومتى تفكرون في المعاد؟ فقام إليه رجل من السوقة فقال: يا أمير المؤمنين، أبد من طلب المعاش؟ فقال : أيها الرجل، إن طلب المعاش لا يصرفك عن طلب الآخرة. ألا قلت : أبد (1) من طلب احتكار، فأعذرك إن كنت معذروا قولى الرجل وهو يبكي، فمسعته يقول : أقبل علي يا ذا الرجل أزيدك تبيانا، إنه لابد لكل عامل من أن يوفى في القيامة أجر عمله، وعامل الدنيا انما أجره النار، ثم خرج من السوق، والناس في رنة من البكاء، إذ مر بواعظ يعظ الناس، فلما بصر بأمير المؤمنين ت سكت ولم يتكلم بشيء، فقال : فكم، والى كم توعظون فلا تتعظون؟ قد وعظكم الواعظون، وزجركم الزاجرون، وحذركم المحذرون، وبلغكم المبلغون، ودلت الرسل على سبل النجاة، وقامت الحجة وظهرت المحجة، وقرب الأمر والأمد، والجزاء غدا { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (هنمراء: 227). يا أيها الناس، إنه لم يكن لله تبارك وتعالى في أرضه حجة ولا حكمة ابلغ من كتابه، ولا مدح الله منكم أحدا إلا من اعتصم بحبله، وإنما هلك من هلك عندما عصاه، وخالفه واتبع هواه، واعلموا أن جهاد النفس هو الجهاد الاكبر، والله ما هو شيء قلته من تلقاء تفي، ولكني سمعت رسول الله ه يقول: لما من عبد جاهد نفسه، فردها عن معصية الله إلا باها الله به كرام الملآئكة، ومن باها الله به كرام الملآئكة (1) في (2) : ساقطة أبد.

(124

Page 137