Hadaiq Nadira
الحدائق الناضرة
فضلا عن العلم ، وسنذكرها ان شاء الله تعالى في أنوار القيامة. مع وجود الدلائل من الكتاب والسنة على ان الإحباط الذي هو الموازنة بين الأعمال وإسقاط المتقابلين وإبقاء الرجحان حق لا شك فيه ولا ريب يعتريه ، ومثل قولهم : ان النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم يحصل له الإسهاء من الله تعالى في صلاة قط ، تعويلا على ما قالوه من انه لو جاز السهو عليه في الصلاة لجاز عليه في الأحكام ، مع وجود الدلائل الكثيرة من الأحاديث الصحاح والحسان والموثقات والضعفاء والمجاهيل (1) على حصول مثل هذا الإسهاء ، وعلل في تلك الروايات بأنه رحمة للأمة. لئلا يعير الناس بعضهم بعضا بالسهو ، وسنحقق هذه المسألة في نور من هذا الكتاب ان شاء الله تعالى ، الى غير ذلك من مسائل الأصول.
واما مسائل الفروع فمدارهم على طرح الدلائل النقلية والقول بما أدت اليه الاستحسانات العقلية ، وإذا عملوا بالدلائل النقلية يذكرون أولا الدلائل العقلية ثم يجعلون دليل النقل مؤيدا لها وعاضدا إياها : فيكون المدار والأصل إنما هو العقل. وهذا منظور فيه ، لأنا نسألهم عن معنى الدليل العقلي الذي جعلوه أصلا في الأصولين والفروع ، فنقول : ان أردتم ما كان مقبولا عند عامة العقول ، فلا يثبت ولا يبقى لكم دليل عقلي ، وذلك كما تحققت ان العقول مختلفة في مراتب الإدراك وليس لها حد تقف عنده ، فمن ثم ترى كلا من اللاحقين يتكلم على دلائل السابقين وينقضه ويأتي بدلائل اخرى على ما ذهب اليه ، ولذلك لا ترى دليلا واحدا مقبولا عند عامة العقلاء والأفاضل وان كان المطلوب متحدا ، فإن جماعة من المحققين قد اعترفوا بأنه لم يتم دليل من الدلائل على إثبات الواجب. وذلك ان الدلائل التي ذكروها مبنية على إبطال التسلسل ولم يتم برهان على بطلانه ، فإذا لم يتم دليل على هذا المطلب الجليل الذي توجهت الى الاستدلال عليه كافة الخلائق ، فكيف يتم على غيره
Page 127