Habermas Muqaddima Qasira
يورجن هابرماس: مقدمة قصيرة جدا
Genres
Sittlichkeit (ويترجم عادة «الحياة الأخلاقية») إشارة إلى أسلوب الحياة الراسخ لمجتمع من المجتمعات، بما يحفل به من قيم ومثل وتفاهمات للذات، من ناحية، وأنشطة ومؤسسات وقوانين من ناحية أخرى.
لمفهوم هابرماس للخطاب الأخلاقي العديد من السمات المميزة: (1)
الخطاب الأخلاقي «غائي» من منطلق أنه معني ب «اختيار الغايات» و«التقييم العقلاني للأهداف» (التبرير والتطبيق). وبينما يتناول الخطاب البراجماتي الغايات التي ينشدها المرء كما هي، ويدرس الوسيلة المثلى لتحقيقها، يقوم الخطاب الأخلاقي بتقييم هذه الغايات. (2)
يقيم الخطاب الأخلاقي الغايات عن طريق تقدير «ما يناسبني» أو «ما يناسبنا» («تضمين الآخر، النسخة الألمانية»؛ التبرير والتطبيق). وهذه منافع خاصة لا عامة. (الخلقية، في المقابل، تتناول مسألتي الصواب والخطأ اللتين، بقدر نفعهما (أو ضررهما)، من المفترض أن تكونا نافعتين (أو مضرتين) عامة، ما دام أنهما تؤثران في الجميع بالطريقة نفسها.) إن فكرة الخير التي يزرعها الخطاب الأخلاقي في المعادلة ترتبط بكل من تاريخ الحياة الفردية للشخص والحياة الجمعية للمجتمع. ويطلق هابرماس على الخطابات المتعلقة بحياة الفرد «أخلاقية-وجودية»، وتلك المرتبطة بالحياة الجمعية أو حياة الجماعة «أخلاقية-سياسية». (3)
الخطاب الأخلاقي احترازي: فهو يتعلق بالسبل التي ننظم بها إشباع رغباتنا وغاياتنا مع النظر للسعادة، ليس في الوقت الحاضر فحسب، بل وفي المستقبل أيضا، ولسعادتنا مع اعتبار كل شيء. (4)
يبرز الخطاب الأخلاقي القيم المرتبطة بتاريخ حياة الفرد، وبالتقليد أو الجماعة الثقافية التي ينتمي إليها هذا الفرد. لهابرماس مفهوم محدد جدا عن القيمة. فالقيمة مكون رمزي أساسي للثقافة أو الحياة الأخلاقية. والقول بأن القيم أساسية يعني أنه يستحيل تحليلها إلى مكونات أبسط، أو تفسيرها بكلمات أبسط، لنقل كلمات خاصة بالتفضيلات أو الرغبات أو الحاجات أو الأسباب. القيم تحدد التفضيلات، لا العكس. فهي تساعد على تشكيل احتياجاتنا ورغباتنا واهتماماتنا التي، بحسب زعم هابرماس، لا تقدم لنا في شكلها الكامل بفعل إرثنا البيولوجي أو الاجتماعي، لكنها دوما تظل بحاجة إلى التأويل. ولأن القيم مرتبطة ارتباطا وثيقا بنسيج مجتمع بعينه، فإن كل فرد خلال اندماجه اجتماعيا في مؤسسات وأنشطة ذلك المجتمع سيستوعب قيمه الأساسية؛ ولذا، فإن هذه القيم ستشكل تدريجيا مكونا محوريا لهوية الفرد. وهكذا فالقيم ليست «بمعزل» عنا شأنها شأن الحقائق الطبيعية المستقلة في وجودها. إنها راسخة فينا، ونحن نعيش في قلبها. ومن ثم، ورغم أن القيم الفردية عرضة للتفسير والتغير التدريجي، فهي ليست شيئا يمكن للبشر أن ينفصموا عنه بسهولة أو يجردوا أنفسهم منه. وأخيرا، فإن القيم بطبيعتها تدريجية، بينما المعايير مطلقة: القيم تسمح بدرجات أعلى وأدنى، بينما المعايير إما أن تكون صحيحة أو خاطئة. وبينما أنه من غير المنطقي - إلى حد بعيد - الزعم بأن ثمة فعلا أكثر خطأ من الناحية الأخلاقية من فعل آخر، فمن المنطقي جدا أن ثمة خيارا ما أفضل من آخر. (5)
إن فهم هابرماس لمفهومي الخير والقيمة يستند إلى سمة منطقية للخطاب الأخلاقي. إن النصائح والأحكام وترتيبات الأفضليات التي تنشأ في سياقها الخطابات الأخلاقية تتمتع بصحة «نسبية» أو «شرطية» وحسب. (وفي المقابل، فإن المعايير التي تنشأ في سياقاتها الخطابات الأخلاقية الناجحة صحيحة عامة وبلا قيد أو شرط. وبينما يقصد من المعيار الأخلاقي الصحيح أن يصمد عبر التقاليد الثقافية المختلفة والمتنافسة، فإن القيم لا تصمد إلا في سياق تقليد بعينه أو جماعة ثقافية بذاتها.) (6)
يعنى الخطاب الأخلاقي بفهم الفرد أو الجماعة لذاتها. وسواء أكانت المسائل الأخلاقية تخص الفرد أو الجماعة، فهي تعتبر مسائل تأويلية بصفة عامة؛ إذ تهدف إلى إيضاح الذات واستكشافها، وكذلك، إلى حد ما، تشكيلها. وإذا كللت بالنجاح، فهي تصدر أحكاما أو نصائح حيال أي الغايات أو القيم أو المصالح يتعين على المرء السعي وراءها لمصلحته العامة («التبرير والتطبيق»؛ «بين الحقائق والمعايير»؛ «تضمين الآخر، النسخة الألمانية»).
ملخص للفارق بين الخطاب الأخلاقي والخطاب الخلقي
الأخلاقيات
Unknown page