بَحْرٌ فَيَّاضٌ لَا يُغْرَفُ، وَتَيَّارٌ مَوَّاجٌ لَا يُنْزَفُ.
٢٢ - وَالْفِئَةُ الْمُخَالِفَةُ فِي هَذَا الْبَابِ أَخَذَتْ مَذْهَبَهَا، وَتَلَقَّتْ مَطْلَبَهَا مِنْ مَصِيرِهَا، إِلَى أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى جَدُّهُ - يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِصْلَاحُ عِبَادِهِ، وَزَعَمُوا أَنَّ الصَّلَاحَ فِي نَصْبِ الْإِمَامِ، وَاسْتَمَدُّوا فِي تَقْرِيرِ مَا يُحَاوِلُونَهُ، وَتَمْهِيدِ مَا يُزَاوِلُونَهُ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَهَذَا مِنْهُمْ جَهْلٌ بِحَقِيقَةِ الْإِلَهِيَّةِ، وَذُهُولٌ عَنْ سِرِّ الرُّبُوبِيَّةِ.
وَمَنْ وُفِّقَ لِلرَّشَادِ، وَاسْتَدَّ فِي مَنْهَجِ السَّدَادِ، وَاسْتَقَرَّ فِي نَظَرِهِ عَلَى اتِّئَادٍ، عَلِمَ أَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ، تَعَرَّضَ مَنْ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ لِلتَّأَثُّرِ بِالْمَثَابِ وَالْعِقَابِ، وَمَنْ تَصَدَّى لِطُرُقِ الْغَيْرِ، وَقَبُولِ الْأَثَرِ، فَهُوَ عُرْضَةٌ لِلْآفَاتِ، وَدَرِيئَةٌ لِأَسِنَّةِ الْعَاهَاتِ، وَالْقَدِيمُ - تَعَالَى - لَا يَلْحَقُهُ نَفْعٌ، وَلَا يَنَالُهُ ضَرَرٌ يُعَارِضُهُ دَفْعٌ، فَاعْتِقَادُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ زَلَلٌ، فَهُوَ الْمُوجِبُ بِأَمْرِهِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ.
٢٣ - ثُمَّ الْأَدْيَانُ وَالْمِلَلُ، وَالشَّرَائِعُ وَالنِّحَلُ، أَحْوَجُ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، الْمُؤَيَّدِينَ بِالْمُعْجِزَاتِ، وَالْآيَاتِ الْبَاهِرَاتِ، مِنْهَا إِلَى الْأَئِمَّةِ، فَإِذَا
1 / 25