لكنهما لم تفسدا فليس فيهما إله غيره. (و) ترد (لا ثبات جوابها) بقسميه مع انتفاء شرطها بقسميه (إن ناسب انتفاء شرطها) إما (بالأولى كلو لم يخف لم يعص) المأخوذ مما روي عن النبي ﷺ، أو عن عمر ﵁ «نِعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه» . رتب عدم العصيان على عدم الخوف وهو بالخوف المفاد بلو أنسب، فيترتب عليه أيضا في قصده، والمعنى أنه لا يعصي الله أصلًا لا مع الخوف وهو ظاهر، ولا مع انتفائه إجلالًا له تعالى
عن أن يعصيه وقد اجتمع فيه الخوف والإجلال ﵁. (أو المساوي كلو لم تكن ربيبة ما حلت للرضاع) المأخوذ من قوله ﷺ في درة بضم المهملة بنت أم سلمة أي هند لما بلغه تحدث النساء أنه يريد أن ينكحها بناء على تجويزهنّ أن ذلك من خصائصه، إنها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها لابنة أخي من الرضاعة، رواه الشيخان، رتب عدم حلها على عدم كونها ربيبته المبين بكونها ابنة أخي الرضاع المناسب هو له شرعا كمناسبته للأول، سواء لمساواة حرمة المصاهرة لحرمة الرضاع، والمعنى أنها لا تحل لي أصلًا لأن بها وصفين لو انفرد كل منهما حرمت به كونها ربيبته، ووها ابنة أخي الرضاع، وقوله في حجري على وفق الآية. وتقدم الكلام فيه. (أو الأدون كـ) ـقولك فيمن عرض عليك نكاحها (لو انتفت أخوة الرضاع) بيني وبينها (ما حلت) لي (للنسب) بيني وبينها بالأخوة رتب عدم حلها على عدم أخوتها من الرضاع المبين بأخوّتها من النسب المناسب هو لها شرعا، فيترتب أيضا في قصده على أخوتها من الرضاع المفادة بلو المناسب هو لها شرعا، لكن دون مناسبته للأول لأن حرمة الرضاع أدون من حرمة النسب، والمعنى أنها لا تحلّ لي أصلًا لأن بها وصفين لو انفرد كل منهما حرمت به أخوّتها من النسب وأخوتها من الرضاع، وقد تجردت لو فيما ذكر من الأمثلة عن الزمان على خلاف الأصل فيها، أما أمثلة بقية أقسام هذا القسم في الشق الأول منه فنحو لو أهنت زيدا لأثنى عليك فيثني مع عدم الإهانة بالأولى، لو ترك العبد سؤال ربه لأعطاه فيعطيه مع السؤال بالأولى ﴿ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام﴾ إلى قوله ﴿ما نفدت كلمات الله﴾ أي فلا تنفد مع انتفاء ما ذكر بالأولى، وقد استشكل قوله تعالى﴾ ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم﴾ الآية. بأن الاستدلال به على هيئة قياس اقتراني وهو لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا ينتج لو علم الله فيهم خيرا لتولوا، وهذا محال
لأن الذي يحصل منهم بتقدير أن يعلم الله فيهم خيرا هو الانقياد لا التولي.
وأجيب بجوابين أحدهما أن الوسط مختلف تقديره لأسمعهم إسماعا نافعا، ولو أسمعهم إسماعا غير نافع لتولوا، وفيه نظر لاستلزامه انتفاء الاسماع عنهم مطلقا، لأن الجملة الأولى أفادت انتفاء الاسماع النافع، والثانية انتفاء غير النافع واللازم باطل لثبوت إسماعهم في الجملة قطعا وإلا فلا تكليف. ثانيهما ليس المراد من الآية الاستدلال بل بيان السببية على الأصل في «لو» أي أن سبب انتفاء إسماعهم خيرا هو انتفاء العلم بالخير فيهم، وحينئذ فالكلام قد تمّ عند قوله لأسمعهم، ويكون قوله ولو أسمعهم كلاما مستأنفا أي أن التولي لازم بتقدير الاسماع، فكيف بتقدير عدمه فهو من قبيل لو لم يخف الله لم يعصه.
فإن قلت التولي هو الإعراض عن الشيء فكيف يتصوّر وجوده منهم عند عدم إسماعهم الشيء؟ قلت بل أسمعهم الشيء وإلا
1 / 62