وقيل غالب عليها في كل لغة لأنك تقول مثلًا رأيت زيدا والمرئي بعضه، وهذا لا يدل على المدعي كما بينته في الحاشية. (ولا) أي وأنه ليس (معتمدا) عليه (حيث تستحيل) الحقيقة بل لا بد من قرينة تدل له وخالف أبو حينفة حيث قال فيمن قال لعبده الذي لا يولد مثله لمثله هذا ابني أنه يعتق عليه وإن لم ينو العتق اللازم للبنوّة صونا للكلام عن الإلغاء. قلنا لا ضرورة إلى تصحيحه بذلك، وفارق هذا ما مر من أن الحقيقة إذا جهلت يعدل إلى المجاز بأن ذاك في الاستعمال، وهذا في الحمل، وبأن ذلك بالنظر لتعدد اللفظ واتحاد المعنى، وهذا بالعكس أما إذا كان مثله يولد لمثله فيعتق عليه اتفاقا إن لم يكن معروف النسب من غيره، وإلا فكذلك على الأصح مؤاخذة له باللازم وإن لم يثبت اللزوم. (وهو) أي المجاز (والنقل) المعلوم من ذكر كل من الحقيقة الشرعية العرفية. (خلاف الأصل) الراجح فإذا احتمل لفظ معناه الحقيقي والمجازي أو المنقول عنه،
وإليه فالأصل حمله على الحقيقي لعدم الحاجة فيه إلى قرينة أو على المنقول عنه استصحابا للموضوع له أوّلًا مثالهما رأيت أسدا وصليت أي حيوانا مفترسا ودعوت بخير أي سلامة منه، ويحتمل الرجل الشجاع والصلاة الشرعية. (و) المجاز والنقل (أولى من الاشتراك) فإذا احتمل لفظ هو حقيقة في معنى أن يكون في آخر حقيقة ومجازا أو حقيقة ومنقولًا فحمله على المجاز أو المنقول أولى من حمله على الحقيقة المؤدي إلى الاشتراك، لأن المجاز أغلب من المشترك والمنقول لا يمتنع العمل به لإفراد مدلوله قبل النقل وبعده، بخلاف المشترك لا يعمل به إلا بقرينة تعين أحد معنييه مثلًا إلا إذا قيل بحمله عليهما، فالأول كالنكاح حقيقة في العقد مجاز في الوطء، وقيل العكس، وقيل مشترك بينهما فهو حقيقة في أحدهما محتمل للحقيقة والمجاز في الآخر، والثاني كالزكاة حقيقة في النماء أي الزيادة محتمل فيما يخرج من المال للحقيقة والنقل. (والتخصيص أولى منهما) أي من المجاز والنقل، فإذا احتمل الكلام تخصيصا ومجازا أو تخصيصا ونقلًا فحمله على التخصيص أولى، أما الأول فلتعين الباقي من العام بعد التخصيص بخلاف المجاز قد لا يتعين بأن يتعدد ولا قرينة تعين، وأما الثاني فلسلامة التخصيص من نسخ المعنى الأول بخلاف النقل، فالأول كقوله تعالى ﴿ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه﴾ فقال الحنفي أي مما لم يتلفظ بالبسملة عند ذبحه وخص منه ناسيها فتحل ذبيحته وقال غيره أي مما لم يذبح تعبيرا عن الذبح بما يقارنه غالبا من التسمية، فلا تحل ذبيحة المتعمد لتركها على الأول دون الثاني، وفي الآية تأويل آخر ذكرته في الحاشية، والثاني كقوله تعالى ﴿وأحل الله البيع﴾ فقيل هو
1 / 50