قال محمد بن يحيى عليه السلام: إن كان هذا الرجل يضر به بيع
ماله ويفقره ويعرض نفسه للهلكة في ذلك فإن الله لا يكلفه عسرا وإنما كلفه من أمره يسرا، قال الله تبارك وتعالى في كتابه: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}[البقرة:185]، وقال عز وجل: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}[آل عمران:97]، وقال سبحانه: {لا يكلف الله [652] نفسا إلا وسعها}[البقرة:286]، فجعل سبحانه لهم الفسحة إلى الاستطاعة والقوة، وهذا فإذا باع ما يملك أهلك نفسه وعياله، فإن كان في ماله من بعد أخذه لما يبلغه الحج ما يحيي عياله وولده ويقوتهم وجب عليه الحج، وإن كان لا يبلغ الحج إلا بالإجحاف بهم والإهلاك لهم فلا ينبغي أن يفعل ذلك ولكن(1) يضمر الحج ويستعد له عندما يفي الله عليه، قال الله سبحانه: {إن مع العسر يسرا}[الشرح:6]، وليس من طلب وحرص وأعد نفسه للحج ثم منعه من ذلك مانع يقوم به عذره عند الله عز وجل كغيره ممن غفل وسهى من بعد المقدرة واستعمل التسويف والمنى بينهما فرق بين وحق نير.
[فيمن معه مال يسير فتزوج به ولم يحج هل يكون كافرا]
وسألتم: عن رجل معه شيء يسير فتزوج به ولم يحج هل يكون كافرا؟
قال محمد بن يحيى عليه السلام: إذا خشي على نفسه العنت والوقوع في المعصية والآثام والدخول في عمل الباطل والحرام فليحصن نفسه ودينه بالنكاح فإنه مأجور غير معذب ولا مأزور ويضمر الحج ويعتقده ويتحيل فيه ويستعد له وهو بعد ذلك منتظر لرزق الله فإنه سبحانه يقول: {فإن مع العسر يسرا}[الشرح:5]، وقوله الحق ووعده الصدق، فإن بلغ ما يؤمل من ذلك كان بفضل الله وإحسانه إليه، وإن حال بينه وبين ما أمل من الحج ضيق حال وقلة سعة لم يجد إلى غيرها سبيلا فهو عند الله معذور.
Page 169