والمسائل رحمكم الله فإنما يخرج جوابها على قدر ما يكون من
تبيين المسائل عنها، ومثلها كمثل الميزان [حرف ينقص من الجواب وحرف يزيد فيه كمثل الميزان](1) يزيد فيه القليل وينقص منه القليل، وكم من مسألة يسأل عنها مستقص فيها فيجاب فيها بجواب شاف، وله فيما سأل معنى كاف ثم سأل عنها آخر فينقص من الاستقصاء في الكلام أو يزيد في معنى فيختلف الجواب فالحق لا يتغير وإنما المسائل تغير وتختلف(2) بالزيادة والنقصان، فإذا سألتم عن معنى فبينوا يخرج الجواب ويثبت الحق والصواب.
[في السلم وكم يجوز للمسلم أن يسلم فيه من السعر]
وسألتم: كم يجوز للمسلم أن يسلم فيه من السعر؟
قال محمد بن يحيى عليه السلام: السلم(3) فإذا قام حدوده وأتيا فيه المتعاملان بشروطه فقد صح، فينبغي لهما من بعد ذلك أن يتعاملا في سعر متوسط يمكن أن يأتي في ذلك البلد مثله وأكثر منه ودونه، فإذا كانا قد تعاملا في السعر بما لا يزال يكون في بلده(4) ولا يمكن أن يرفع الأسعار إليه ويوقن المسلم إليه بأنه مغبون فهذا ما لا يجوز؛ لأن المسلم قد أمن وأيقن بالربح(5) والمسلم إليه قد أيقن بالخسران وعلم أنه قد أخذ فيما لا يبلغه السعر فهذا لا يجوز ولا يسع عند الله سبحانه، ونعطيكم في السلم أصلا تعمدون عليه وتعملون به.
اعلموا أن كل مسلم أمن الخسران وعامل في سعر هو فيه رابح بأيقن يقينه والمسلم إليه موقن بالخسران عامل عليه فذلك سلم لا يجوز لهما ولا تصح فيما فيه معاملتهما، وإذا كانا كلاهما يرجوا ويخافا صح ذلك السلم وجاز.
Page 151