Film Wathaiqi Muqaddima Qasira
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
Genres
حفزت أفلام مغامرات الحياة الواقعية إنتاج سلسلة أفلام عالمية مثل سلسلة الأفلام البريطانية «الطبيعة» (1982)، وأصبح ما يسمى أفلام معالم الطبيعة الوثائقية جزءا أساسيا من الإنتاج العالمي من الأفلام الوثائقية الموجهة للتليفزيون. تجسد مثل هذه الأفلام الحيوانات الضخمة، وغيابا للبشر أو التأثير البشري، وقصة درامية محورها التناسل والضراوة (الجنس والعنف). ومن الأمثلة الممتازة على ذلك مسلسل «الكوكب الأزرق»، وهو مسلسل أنتجته بي بي سي/ديسكفري في عام 2001. يستكشف هذا المسلسل المثير المليء بالسحر التكنولوجي والعجائب الطبيعية، محيطات العالم دون الإشارة كثيرا إلى أن النشاط البشري يغير من ظروف الحيوانات الرائعة التي يبرزها.
تعتمد أفلام إيماكس ذات القطع الكبير على افتراضات أفلام معالم الطبيعة الوثائقية من أجل جذب جماهير المتاحف والفعاليات إلى عروضها على الشاشات الكبيرة؛ فأفلام الحشرات (فيلم «البق! بالأبعاد الثلاثية» 2003)، والحيوانات الضخمة (فيلم «الدلافين!» 2000)، ومجموعة من الأفلام التي تتناول أسماك القرش كلها تغمر المشاهدين في قصص الأعاجيب الطبيعية بقدر ضئيل من التدخل البشري. وكان مما دعم تزايد شعبية الأفلام الوثائقية في دور العرض في بدايات القرن الحادي والعشرين أيضا الدراما الموجودة في أفلام معالم الطبيعة الوثائقية. ويقدم الفيلم الفرنسي «الهجرة المجنحة» (2001) لجاك بيرين للمشاهدين لقطات قريبة مدهشة للطيور أثناء استعدادها للطيران، وأثناء طيرانها وهبوطها للقيام بهجراتها الموسمية، غير أن فريق الإنتاج كانوا يطلقون الطيور بأنفسهم لكيلا تخاف الحيوانات من الآلات المزعجة، فيما يعد ابتعادا عن تصوير الطبيعة كما هي. أيضا يسجل الفيلم الناجح الذي حقق شهرة عالمية «مسيرة البطاريق»، وهو فرنسي أيضا، للوك جاك، معاناة البطاريق الموسمية للتناسل تحت وطأة ظروف القارة القطبية الجنوبية. وفكرة قصة الحب التي يقوم عليها الفيلم تتجاهل استراتيجيا الحقائق الأساسية عن البطاريق مثل حقيقة أنها تتزاوج لموسم واحد فقط، وتتجنب هذه الفكرة مناقشة تهديد الاحترار العالمي لوجود الطيور.
أفلام البيئة
في نفس الوقت الذي أطلقت فيه أفلام مغامرات الحياة الواقعية، ولدت الحركة البيئية من خلال جهود الحفاظ على البيئة، وقد نجح المسلسل التليفزيوني «الأرض الحية» المنتج في الخمسينيات، الذي دعمته جمعية الحفاظ على البيئة، في اختراق السوق التعليمية للمرحلتين الابتدائية والثانوية. شددت هذه الأفلام الوثائقية على تأثير الأنشطة البشرية على توازن الطبيعة، ومع تنامي الوعي البيئي، أصبحت هذه الموضوعات والأفكار أكثر شيوعا. على الرغم من ذلك، دخل قدر كبير من الاصطناع حتى في وضع برامج الحفاظ على البيئة، فمعظم البرامج من هذه النوعية تستخدم الواقعية لتجسيد العلاقات التي تعرضها، موظفة التمثيل الاستراتيجي، والمونتاج بالإخفاء، والنص لرواية قصصها؛ فقد يتألف مشهد لحيوان واحد من لقطات لعدة حيوانات، وقد يستثار سلوك الحيوان للحصول على مشاهد مثيرة، فيما تعتمد معظم أفلام القرش على استثارة أسماك القرش من أجل مشاهد الحركة الخاصة بها. والكثير من أفلام الطبيعة تقلل من دور المخرجين أو تمحوه، فيما تحولهم أخرى إلى قادة مقدامين لرحلات السفاري الحديثة، مثلما تفعل سلسلة شبكة بي بي سي «القطط الكبيرة».
غير أن بعض المخرجين المستقلين تحدوا المشاهدين للتفكير في علاقتهم بالحيوانات وبالبيئة الطبيعية؛ فقد صنع الأسترالي الخارج عن السائد مارك لويس مشوارا مهنيا من الأفلام المثيرة للدهشة - والمضحكة للغاية - عن الأشخاص والحيوانات، فيبحث فيلم «ضفادع القصب» (1988) في عواقب إدخال ضفدع القصب إلى أستراليا بكوميديا سوداء فظة، فلم يكن لهذا الضفدع السام أي تأثير على الخنافس الذي استورد من أجل القضاء عليها، ولكنه أصبح وباء خطيرا، أما فيلماه «الفأر» (1998) و«التاريخ الطبيعي للدجاج» (2000)، فيؤرخان للعلاقة الخاصة والمقززة وغير المألوفة التي تجمع الناس بحيواناتهم المنزلية. يستعرض فيلم «الرجل الدب» (2005) لفيرنر هيرتزوج أيضا النهاية المروعة لتيموثي تريدويل، وهو مخرج وثائقي مضطرب عقليا عاش في قرية للدببة، وكان يخلط بين أصدقائه وبين الدببة وقتل على يد أحدها. يقارن هيرتزوج عاطفية تريدويل المضللة بفلسفته العدمية وإيمانه بالقسوة الغريزية للطبيعة؛ إنه يطابق نرجسية تريدويل بنرجسيته وينجح في إظهار الدببة أكثر جلالا ومهابة من أي من البشر في الفيلم.
شكل 2-5: خلق فيلم «حقيقة مقلقة»، الذي صنع فيه آل جور من الاحترار العالمي مشكلة عامة، توقعات جديدة لصناعة الأفلام البيئية. الفيلم من إخراج ديفيز جوجنهايم، 2006.
ثمة فيلم من أنجح الأفلام الوثائقية السينمائية على الإطلاق يمكن اعتباره من أفلام الطبيعة، وهو فيلم «حقيقة مقلقة» (2006) لديفيز جوجنهايم؛ يبرز الفيلم نائب الرئيس الأسبق آل جور وهو يلقي محاضرة مزودة بصور توضيحية نابضة بالحيوية عن الاحترار العالمي، ويضع المشاهدين في قلب قصة عن كارثة طبيعية، فمن خلال استخدام صور مثيرة لذوبان الجليد، ومحاكيات لفيضان الماء وهو يغمر مانهاتن ، ورسوم متحركة لدب قطبي يغرق، ومخططات ورسوم بيانية مدهشة، يوضح جور مدى إلحاح المشكلة، وينسج داخل كل ذلك ذكريات شخصية له؛ مزرعة والده، والنهر المحلي، والحادث الذي كاد يودي بحياة ابنه، ووفاة شقيقته، ويكشف أيضا عن فشله في إقناع الساسة بالتحرك للتعامل مع مشكلة الاحترار العالمي، قائلا إنهم بحاجة للاستماع من ناخبيهم. وهذا المزيج من البيانات العلمية، والجمال الطبيعي، وصور الكارثة المثيرة للذهول، والتحول الشخصي، إنما يجهز المشاهدين للأخبار السارة التي تأتي في النهاية وهي أن: «التحرك البشري يمكن أن ينقذ كوكبنا.»
إن هذه الأفلام تختلف اختلافا مدهشا عن تقاليد السفاري وتقاليد ديزني في أفلام الطبيعة، لأنها تركز على النشاط والتفاعل البشري؛ ليس فقط مع الحيوانات، ولكن أيضا مع النظم البيئية التي نعيش جميعا داخلها، وتساعدنا أيضا على رؤية ما لا يوجد في الكثير من برامج وأفلام الطبيعة، وتقدم لنا نماذج لمقاربات جديدة لتناول قصص بيئتنا.
الأهمية والأخلاقيات
ركز كثير من النقد على الأفلام المشهورة والمسلسلات التليفزيونية التي تبرز الحيوانات الضخمة (مثل «أسبوع القطط الكبيرة» بشبكة بي بي سي، و«أسبوع القروش» على قناة ديسكفري)، طارحا أسئلة عن معاملة الحيوانات، ودقة التجسيد، وادعاءات القصة. ويعتقد ديريك بوزيه أن معظم أفلام الحياة البرية مصطنعة على نحو كبير، حتى إنها تتحول فعليا إلى أفلام روائية، وعلى الجانب الآخر، يعتقد جريج ميتمان أن تحديات أفلام الطبيعة الوثائقية في تجسيد الواقع ليست أكثر تعقيدا مما هي عليه في الأشكال الأخرى للفيلم الوثائقي.
Unknown page