(31) ولو كان قبيحا بالذات لكن استلزامه الحسن بالذات عاقه وأزال عنه القبح فصار حسنا بحسن ملزومه ولا يلزم اجتماع الحسن والقبح في ذات واحدة لكن على هذا لا يبقى بين قولهم وبين قول الجبائى كبير فرق هكذا ينبغى أن تفهم هذه المباحث (وبه) أى بما ذكرنا أن الحسن الذاتى لا ينافى القبح الغيرى أمكن لهم التخلص عن النسخ فإنه لما جاز أن يكون الحسن بالذات قبيحا بالغير والقبيح بالغير حسنا بالذات أمكن انقلاب الوجوب إلى الحرمة والحرمة إلى الوجوب وعلى هذا فنكاح الأخت كان قبيحا بالذات حسنا بحسن إبقاء النسل فكان مباحا والآن لما زال استلزامه لذلك الحسن بقى على قبحه فصار حراما وهذا لا يصح على التوجيه الأول إذ... يلزم حينئذ كون نكاح الأخت حراما ومباحا والتزامه بعيد كيف وقد بقى مباحا إلى مجئ شريعة أخرى مع ارتفاع الضرورة قبله وأبعد منه التزام ما يلتزم في التوجه إلى البيت المقدس والكعبة فإنه يلزم أن يكون أحدهما حراما وواجبا ولا يجترئ عليه مسلم وأما على التوجيه الثاني فلا بعد في نكاح الأخت فإنه يجوز أن يكون القبح مقتضى الذات لكن المانع المذكور أزاله وجعله حسنا لكن التزام هذا في الكعبة والبيت مشكل فإن التوجه إلى الكعبة كان مستمرا في شريعة والآن مستمر في شريعة أفضل البشر عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام والتوجه إلى البيت كان مستمرا في شريعة موسى فكيف يجترئ مسلم على القول باستمرار وجوب أمر مقتضاه القبح بالذات من غير بيان المانع المستمر بل الذى يجب أن يعتقد أن التوجه إلى البيت كان حسنا بحسن عارض بالذات أى من غير واسطة في العروض والتوجه إلى الكعبة كان مانعا عنه فصار قبيحا بالعرض ثم زال حسنه عند مجئ هذه الشريعة الغراء وبقى غير حسن كما كان قبل وحسن التوجه إلى الكعبة بالذات كما هو الظاهر أو بالعوارض فافترض وكان التوجه إلى البيت مانعا عن هذا التوجه الحسن فصار قبيحا بالعرض فتدبر وأنصف (على أنه لا يتم) هذا البيان ولا ينتهض (على الجبائية ولا علينا) وأن تم على جمهور المعتزلة فإنه إنما يلزم منه بطلان كونهما مقتضى الذات مطلقا ونحن لا نقول به بل إنما نقول بالإطلاق الأعم فلا يلزم أن يتكلف الجواب (و) قالوا (ثانيا لو كان) كل منهما (ذاتيا لاجتمع النقيضان في مثل لأكذبن غدا فإن صدقه يستلزم الكذب) في الغد الذى هو المحكى عنه (وبالعكس) أى كذبه يستلزم عدم الكذب في الغد فصدقه ملزوم الكذب القبيح بالذات وكذبه ملزوم عدمه الحسن بالذات (وللملزوم حكم اللازم) فيكون صدقه قبيحا مع كونه حسنا وكذبه حسنا مع كونه قبيحا ولا ينقلب عليهم
Page 46