(30) لكونه صفة كمال لا لكونه يستحق به الثواب فافهم الأشعرية (قالوا) لنفى عقلية الحسن والقبح (أولا لو كان) كل منهما (ذاتيا لم يتخلف) فإن ما بالذات لا يبطل (وقد تخلف فإن الكذب مثلا يجب لعصمة نبى) عن يد ظالم (وإنقاذ برىء عن سفاك) فصار حسنا وقد كان قبيحا (والجواب) أنا لا نسلم أنه تخلف ههنا بل الكذب باق على قبحه والوجوب جاء للإجتناب عن أعظم منه قبحا فحينئذ (ههنا ارتكاب أفل القبيحين) الكذب وهلاك نبى أو برىء (لا أن الكذب صار حسنا قيل) في حواشى ميرزاجان (يرد عليه أن هذا الكذب واجب) وكل واجب حسن (فيدخل في) حد (الحسن) والحسن لا يكون عند الخصم إلا ذاتيا فهذا الحسن ذاتى فلا يجامع القبح وبما قررنا بأن بطلان هذا الإيراد من غير ارتباب (أقول) في دفعة ليس ههنا حسن الكذب بالذات بل بواسطة حسن إنقاذ نبى بالعرض و(الحسن بالغير لا ينافى في القبح لذاته وهذا معنى قولهم الضرورات تبيح المحظورات أى لأجل عروض ضرورة يجئ فيه الحسن بواسطة دفعها فيعامل به معاملة المباح (غاية الأمر أنه يلزم القول بأن كلا منهما كما أنه) يكون (بالذات كذلك بالغير ولعلهم يلتزمونه) فلا يسلمون أن كلا حسن بالذات تحقيقه أن عروض صفة قد يكون حقيقة لشئ وقد يكون حقيقة لأمر آخر متعلق به نوع علاقة فينسب إلى هذا العرض ويقال في غير هذا الفن له الاتصاف بواسطة في العروض فههنا الكذب قبيح بالذات ومستلزم لحسن بالذات هو عصمة نبى ورافع لقبيح آخر هو هلاك نبى قبحه فوق هذا الكذب واجتماع ما بالعرض مع ما بالذات واقع لا استحالة فيه فلا يرد أن الحسن والقبح عندهم كانا لذات الفعل فكيف يرتفع بعروض عارض وإن لم يرتفع لزم اجتماع الضدين فتدبر ثم يلزم على هذا أن يكون هذا الكذب حراما وواجبا من جهتين لبقاء القبح مع عروض الحسن لا بأس به عندنا لكن لا يتأتى من المعتزلة فإنهم لا يجوزون اجتماع الوجوب والحرمة في شئ ما حتى لا يجوزون الصلاة في الأرض المغصوبة بل لا يجوزون اجتماعهما في الواحد بالجنس أيضا ومع هذا لا يعم هذا الجواب جميع الصور إلا بتكليف ويمكن أن يقرر الكلام هكذا أن مقتضى الذات ربما يراد به ما لو خلى الشئ وطبعه استلزمه كما يقال البرودة للماء بالذات وربما يراد به ما تستلزمه الذات استلزاما واجبا كالزوجية للأربعة فألاول يصح تخلفه عن الذات لعروض عارض كما أن الماء يتسخن بمجاورة النار بخلاف الثاني فلعل المعتزلة أرادوا بكون الحسن والقبح مقتضى الذات المعنى الأول فلا بعد في التخلف في بعض المواضع لعروض عارض فحينئذ نقول الكذب
Page 44