(كاف) في حكم العقل بالحسن أو القبح ضرورة (فتدبر) فإن الجواب هو الأول وهذا التوجيه من غير رضا القائل ولو أسقط حديث وجوب العدل واكتفى بمنع كون مطلق دار الجزاء سمعيا ليكون جوابا عنه لو أورد على معظم الحنيفة القائلين بوجوب الإيمان بالعقل قبل ورود الشرع لكان أولى فتفكر (ومنه ما هو نظرى كحسن الصدق الضار وقبح الكذب النافع) فإنهما يعرفان بالتأمل (ومنه ما لا يدرك) أصلا (إلا بالشرع كحسن صوم آخر رمضان وقبح صوم أول شوال فإنه لا سبيل للعقل إليه) أى إلى معرفته (لكن الشرع) إذ قد حكم على هذا الوجه (كشف عن حسن وقبح ذاتيين) لأنه لما لم يكن جعل الشارع إلا بحسب حكمة بإعطاء شئ ما يصلح له علم أن في صوم آخر رمضان صلوح الثواب وفي صوم أول شوال صلوح العقاب فمن هذا الوجه كشف الشارع فلا يرد ما في الحاشية أن هذا تعصب فإن العقل يحكم بعدم الفرق إلا بجعل الشارع وغاية ما يقال أن الواجب لقهر النفس هو الصوم مطلقا وأما خصوص شهر رمضان فلفضائل فيه كنزول القرآن وغيره وإذا كان الشهر محلا يكون أول شوال منتهى ومنتهى الشئ خارج عنه فلزم قبح صومه وهذا الجواب غير واف أما أولا فلأنه لو تم يضرهم فإنه يلزم منه إدراك العقل للحسن والقبح وأما ثانيا فلأن غاية ما لزم عدم وجوب صوم أول شوال والمقصود كان هو التحريم فتدبر (ثم اختلفوا) فيما بينهم (فقال القدماء) منهم الحسن والقبح كلاهما (لذات الفعل و) قال (المتأخرون) لا (بل) كلاهما (لصفة حقيقية توجيه) أى كلا من الحسن والقبح (فيهما) أى في الفعل الحسن والقبيح (و) قال (قوم لصفة حقيقية في القبح فقط) دون الحسن (والحسن عدم القبح) فلا يناط بصفة حقيقية ونقل عن العلامة لا يظهر لهذا القول سبب صحيح (والجبائى قال ليس) الحسن والقبح (صفة حقيقية بل اعتبارات) ووجوه (والحق عندنا معسر أهل السنة من الصوفية والماتريدية (الاطلاق الاعم) من كونهما لذات الفعل أو صفته أو لوجوه واعتبارات كما سينكشف لك (فلا يرد النسخ علينا) لأنه لما جاز أن يحدث الحسن لصفة ووجوه واعتبارات فعند بطلانها يبطل الحسن ويتغير وأما المعتزلة القائلون بكونهما لذات الفعل لا يصح عندهم بطلان الحسن فيرد النسخ عليهم وسجيئ الدفع على
Page 37