106

Fawatih Rahmut

فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت

(106) العهدة بالصوم فيه) فيصح الصوم من جهة كونه صوما منذور الله ويأثم من جهة كونه في النحر وإعراضا عن ضيافة الله تعالى فإن قلت ينبغى أن لا يصح هذا النذر فإنه معصية والنذر بالمعصية باطل أما الأول فلما روى الشيخان عن أبى سعيد الخدري لا يصح الصيام في يومين يوم الأضحى والفطر والطبرانى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم أرسل أيام منى صائحا يصيح أن لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وأما الثاني فلما روى أصحاب السنن عن أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين وإذا لم يتحقق الوجوب قلت لا نذر ههنا بالمعصية فإن الناذر إنما ينذر الصوم وذاته ليست معصية وإنما المعصية في أمر مقارن له وهو الأعراض والنهى يقرر المشروعية وألفاظ أبى سعيد رضي الله عنه مختلفة ففي بعضها نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولو سلم) عدم الصحة كما هو رأى الشافعية (فهو لمانع) عندهم والتخلف لمانع لا يضر مقصودنا وهو جواز اجتماع الوجوب والحرمة لأجل جهتين (وهو) أى المانع (النهى الدال على فساد الصوم فيه) فإن النهى عندهم يوجب الفساد وعدم مشروعية الذات (بخلاف النهى عن الغصب فإنه لا يدل على فساد الصلاة) إذ لم يرد النهى عنها بخصوصها (والجواب بتخصيص الدعوى) أى دعوى الاجتماع (بما إذا كان بينهما عموم من وجه) وههنا ليس كذلك فإن الصوم لا ينفك عن صوم يوم النحر (لا يدفع النقض عن عموم الدليل) فإن مقدمات الدليل جارية فيه إذ لا تضاد عند اختلاف الجهتين فإن قلت يرد النقض على عموم الدليل بما إذا كان بين الجهتين تساو فإن اعتذر بأن إيجاب ما لا يخلو عن الحرام لا فائدة فيه ولا يليق بشأن الحكيم يعتذر به فيما إذا كان اللزوم من جانب فإن إيجاب شئ مع لزوم الحرمة لا فائدة فيه مع أن إيفاء هذا النذر والمنهى عنه متلازمان قلت لا نقض بمتساوى الجهتين فإنه يلزم فيه الإتيان بكل لأنه واجب أو لازم واجب والاجتناب عن كل لأنه حرام أو لازم حرام ففيه تكليف بالمستحيل بخلاف ما إذا كان اللزوم من جانب فإنه يجوز أن يكون جهة الوجوب أمرا عاما يتحقق امتثاله في غير الخاص فلا تكليف بالمحال نعم لو كان

(107)

Page 165