Fath al-Qadir on Al-Hidaya
فتح القدير على الهداية
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الثانية
Publisher Location
بيروت
Genres
والجواب الفرق بالعلم بفرق الشرع فإنه ظهر منه أن لا يخرج من إحرامه ولو عرضت ضرورة توجب رفضه إلا بأفعال أو دم ثم قضاء أصله من أحصر واضطر إلى ذلك أو فاته الحج لم يتمكن شرعا من الخروج بلا لزوم شيء ثم القضاء وأما الصدقة فإن الدفع على ذلك الظن يوجب أمرين سقوط الواجب وثبوت الثواب فإذا كان الواجب منتفيا في نفس الأمر ثبت الآخر لأنه دفعه تقربا إلى الله تعالى يطلب به ثوابه وقد حصل وثبت الملك بواسطة ذلك للفقير فلا يتمكن من رفعه بخلاف من دفع لقضاء دين بظنه ولا دين فإنه لم يثبت فيه ملك المدفوع إليه فكان بسبيل من أن يسترده وأما الصلاة فقد ثبت شرعا قبول ما هو منها للرفض إجماعا كما في زيادة ما دون الركعة وتمام الركعة أيضا على الخلاف فلم يلزم لزومهما إذا ظهر عدم وجوبها والحال أنه لم يفعلها إلا مسقطا والله سبحانه وتعالى أعلم وسقوط الضمان عندنا بعارض الظن والأصل في نفل البالغ الضمان والعارض لا يعارض الأصل فاعتبر عارض الظن عدما في حق المقتدي فاتحد حالهما فكان اقتداء المظنون بالمظنون نظرا إلى الأصل وسقوط الوصف هنا بأمر أصلي وهو الصبا فلم يصح جعله معدوما في حق المقتدي فلم يتحد حالهما كذا في الكافي وما نقل من المحسن من أن اختلافهم راجع إلى أن صلاة الصبي صلاة أم لا فقيل لا وإنما يؤمر بها تخلقا دل عليه لو صلت المراهقة بغير قناع جازت وقيل نعم دل عليه لو قهقهت فيها أمرت بالوضوء فيه نظر بل لو اتفق على أنها صلاة صح الخلاف فإن دليل المانع يتناولها بتقدير كونها صلاة نعم لو اتفق على أنها ليست صلاة لم يتأت الخلاف في عدم الجواز قوله ليلنى الخ في مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ليلنى منكم أولوا الأحلام والنهي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وإياكم وهيشات الأسواق قيل استدلاله به على سنية صف الرجال ثم الصبيان ثم النساء لا يتم إنما فيه تقديم البالغين أو نوع منهم والأولى الإستدلال بما أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن أبي مالك الأشعري أنه قال يا معشر الأشعريين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم حتى أريكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا وجمعوا أبناءهم ونساءهم ثم توضأ وأراهك كيف يتوضأ ثم تقدم فصف الرجال في أدنى الصف وصف الولدان خلفهم وصف النساء خلف الصبيان الحديث ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه والأحلام جمع حلم بالضم وهو ما يراه النائم تقول منه حرم بالفتح واحتلم غلب استعماله فيما يراه النائم من دلالة البلوغ فدلالته على البلوغ التزامية فلا يلزم كون المراد هنا ليلنى البالغون ليكون مجازا لاستعماله في لازم معناه لجواز إرادة حقيقته ويعلم منه المقصود لأنه إذا أمر أن يليه من الصف ملزوم البلوغ علم أن المراد أن يليه البالغون ولو قيل أن البلوغ نفس الإحتلام أو بلوغ سن مخصوصة كان إرادتهم باللفظين حقيقيا لا مجازيا والنهي جمع نهية وهو العقل وفي تفسير الأحلام بالعقول لزوم لتكرار في الحديث فليجتنب إذ لا ضرورة واعلم أن صف الخناثي بين الصبيان والنساء وبعد النساء المراهقات ولنسق نبذة من سنن الصف تكميلا من سننه التراص فيه والمقاربة بين الصف والصف والإستواء فيه ففي صحيح ابن خزيمة عن البراء كان صلى الله عليه وسلم يأتي ناحية الصف فيسوى بين صدور القوم ومناكبهم ويقول لا تختلفوا فتختلف قلوبكم إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول وروى الطبراني من حديث علي رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم استووا تستوي قلوبكم وتماسوا تراحموا وروى مسلم وأصحاب السنن إلا الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم قال ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها قالوا وكيف تصف الملائكة عند ربها قال يتمون الصفوف الأول فالأول ويتراصون في الصف وفي رواية للبخاري فكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه وروى أبو داود والإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم لا تذروا فرجات للشيطان ومن وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله وروى البزار بإسناد حسن عنه صلى الله عليه وسلم من سد فرجة في الصف غفر له وفي أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم قال خياركم ألينكم مناكب في الصلاة وبهذا يعلم جهل من يستمسك عند دخول داخل بجنبه في الصف ويظن أن فسحه له رياء بسبب أنه يتحرك لأجله بل ذاك إعانة له على إدراك الفضيلة وإقامة لسد الفرجات المأمور بها في الصف والأحاديث في هذا شهيرة كثيرة قوله وجه الإستحسان ما رويناه وأنه من المشاهير يعني أخروهن من حيث أخرهن الله ولم يثبت رفعه فضلا عن كونه من المشاهير وإنما هو في مسند عبدالرزاق موقوف على ابن مسعود قال أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن ابن مسعود قال كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعا فكانت المرأة تلبس القالبين فتقوم عليهما فتواعد حليلها فألقى عليهم الحيض فكان ابن مسعود يقول أخروهن من حيث أخرهن الله قيل فما القالبان قال أرجل من خشب تتخذها النساء يتشرفن الرجال في المساجد وفي الغاية عن شيخه يرويه الخمر أم الخبائث والنساء حبائل الشيطان وأخروهن من حيث أخرهن الله ويعزوه إلى مسند رزين قيل وذكر أنه في دلائل النبوة للبيهقي وقد تتبع فلم يوجد فيه وقد يستدل بحديث أمامة أنس واليتيم المتقدم حيث قامت العجوز من وراء أنس واليتيم فقد قامت منفردة خلف صف وهو مفسد كما هو مذهب أحمد رحمه الله لما ذكرنا من الأمر بالإعادة أو لا يحل وهو معنى الكراهة السابق ذكرها لما قدمناه من قوله صلى الله عليه وسلم ولا تعد ولو حل مقامها معهما لمنعها وبدلالة الإجماع على عدم جواز إمامتها للرجل فإنه إما لنقصان حالها أو لعدم صلاحيتها للإمامة مطلقا أو لفقد شرط أو لترك فرض المقام والحصر بالإستقراء وعدم وجود غير ذلك وهذا كاف ما لم يرد صريح النقض لما عرف أنه يكفي في حصر الأوصاف قول السابر العدل بحثت فلم أجد لا يجوز الأول لجواز الإقتداء بالفاسق والعبد ولا الثاني لصلاحيتها لإمامة النساء ولا الثالث لأن المفروض حصول الشروط فتعين الرابع والحق أن هذا قياس حكم أصله مجمع عليه خرج مناطه بالسبر وهو مسلك مختلف في صحته وأكثر مشايخنا على نفيه ثم بتقدير صحة طريقه فهو وما قبله إنما يفيد أن حرمة تحاذيهما وترك فرض المقام ثم كونه مفسدا باعتبار أن فروض الجماعة يصح إثباتها بالآحاد لأن أصلها به وارجع إلى ما مهدناه في أول باب صفة الصلاة يزول عنك الريب إلا أن قصر الفساد عليه ينبني على أن الحرمة وإن كانت مشتركة إلا أن تعلقها بها كي لا تفسدها عليه لا باعتبار معنى فيها بخلاف تعلقها به فهو كتأخر الإمام عن المأمومين حتى صاروا مقدمين عليه فإنه لا يحل له كما لا يحل لهم أن يتقدموا إلا أن عدم الحل لهم لفساد صلاتهم وعدمه له لمعنى فيهم لا فيه وهو كي لا تفسد عليهم فأفسد تأخيره صلاتهم لا صلاته كذلك هنا تفسد بمحاذاتها صلاته لا صلاتها إلا أن هذا المعنى يتوقف على إثبات كون الحرمة المشتركة للإفساد عليه فقط ولا ملجأ فيه إلا حديث أخروهن فيتوقف على ثبوته لكن ينتهض محل النزاع على الخصم لأن محل النزاع فساد صلاته أما عدمه في صلاتها فبالإتفاق فإنما هذا إشكال مذهبي لا يضر في انتهاض المدعي على المخالف هذا وأما محاذاة الأمرد فصرح الكل بعدم إفساده إلا من شذ ولا متمسك له في الرواية كما صرحوا به ولا في الدراية لتصريحهم بأن الفساد في المرأة غير معلول بعروض الشهوة بل هو لترك فرض المقام وليس هذا في الصبي ومن تساهل فعلل به صرح بنفيه في الصبي مدعيا عدم اشتهائه فحصل أن مظنة الشهوة الأنوثة وباعتبار المظنة يثبت الحكم لا باعتبار ما قد يتفق من اشتهاء الذكر الذكر فقد يتفق ذلك في المرأة الميتة والبهيمة ولا عبرة في ذلك فهذا كذلك وقالوا إن اشتهاء الذكر يكون عن انحراف في المزاج وقد سماهم كثير من السلف النتن تنفيرا بخلاف اشتهاء الأنثى فإنه الطبع السليم وفي الذخيرة المحيط إذا حاذته بعد ما شرع ونوى إمامتها فلم يمكنه التأخير بالتقدم خطوة أو خطوتين للكراهة في ذلك فتأخيرها بالإشارة وما أشبهه فإذا فعل فقد أخر فيلزمها التأخر فإن لم تفعل تركت حينئذ فرض المقام فتفسد صلاتها دونه قوله وهو المخاطب به الخ إشارة إلى اشتراط العقل والبلوغ في الذكر فإن الخطاب إنما يتعلق بأفعال المكلفين كذا في بعض شروح الجامع فلا تفسد صلاة الصبي بالمحاذاة على هذا قوله على إحداهما وهي رواية عدم الفساد واعلم أن اقتداءهن في الجمعة والعيدين عند كثير لا يجوز إلا بالنية وعند الأكثر يجوز بدونها نظرا إلى إطلاق الجواب حملا على وجود النية منه وإن لم تستفسر حاله قوله ومن شرائط الخ جواب المسئلة له شروط لا بد من بيانها الأول أن تكون الصلاة مشتركة تحريمه وأداء ومعنى الأول أن يكونا بانيين تحريمتهما على تحريمة إمام أو إحداهما على الأخرى بأن كان أحدهما يؤم الآخر فيما يصح اتفاقا فلو اقتدت ناوية العصر بمصلى الظهر فلم يصح من حيث الفرض وصح نفلا فحاذته ففي رواية باب الأذان تفسد وفي رواية باب الحدث من المبسوط لا تفسد وقيل رواية باب الأذان قولهما ورواية باب الحدث قول محمد بناء على مسئلة صلاة الفجر إذا طلعت الشمس في خلالها عندهما تنقلب نفلا وعند محمد تفسد بخلاف ما لو نوت ابتداء النفل حيث تفسد بلا تردد ومعنى الثاني أن يكون لهما إمام فيما يقضيان حقيقة أو حكما فصلاة المسبوقين فيما يقضيان مشتركة تحريمة لا أداء فلا تفسد المحاذاة فيما يقضيان مسبوقين وتفسد فيما يقضيان لا حقين ولا تفسد إذا حاذته في الطريق للطهارة فيما إذا سبقهما الحدث في الأصح لأنهما غير مشتغلين بالقضاء بل بإصلاح الصلاة لا بحقيقتها وإن كان في حرمتها إذ حقيقتها قيام وقراءة الخ وليس شيء من ذلك ثابتا وقيامه في حال مشيه أو وضوئه لم يعتبر جزءا وإلا فسدت لأن المحكوم بجزئيته للصلاة تفسد مع الحدث وإذا انعدم قضاؤهما في هذه الحالة انعدمت الشركة أداء واللاحق من يقضي بعد فراغ الإمام ما فاته مع الإمام بعد ما أدركه معه وإنما لم نقل من أدرك أول صلاة الإمام ثم فاته بعضها الخ كما يقع في بعض الألفاظ لأنه غير جامع لخروج اللاحق المسبوق وفي المحاذاة لهذا اللاحق تفصيل في الفساد فإنهما لو اقتديا في الثالثة فأحدثا فذهبا ليتوضآ ثم حاذته في القضاء إن كان في الأولى أو الثانية وهي الثالثة والرابعة للإمام تفسد لوجود الشركة فيهما لأنهما فيهما لاحقان وإن حاذته في الثالثة والرابعة لا تفسد لعدمها لأنهما مسبوقان وهذا بناء على أن اللاحق المسبوق يقضي أولا ما لحق فيه ثم ما سبق به وهذا عند زفر ظاهر وعندنا وإن صح عكسه لكن يجب هذا فباعتباره يفسد هذا وأما محاذاتها في الصلاة دون اشتراك فمورث للكراهة ثم لو قيل بدل مشتركة تحريمة وأداء مشتركة أداء ويفسر بأن يكون لهما إمام فيما يؤديانه حالة المحاذاة أو أحدهما إمام للآخر لعم الإشتراكين الثاني أن تكون الصلاة مطلقة أي ذات ركوع وسجود وإن كانا يومئان فيها للعذر الثالث أن تكون المرأة من أهل الشهوة أي دخلت في حدها وإن كانت في الحال عجوزا شوهاء فيحترز به عمن لم تبلغ حدها وحدها سبع سنين وقيل تسع والأصح أن تصلح للجماع ولا فرق بين الأجنبية والمحرم الرابع أن لا يكون بينهما حائل فلو كان منع المحاذاة وأدناه قدر مؤخرة الرحل لأن أدنى الأحوال القعود ومؤخرة الرحل جعلت للإرتفاق بها فيه فقدرناه بها وغلظه مثل الأصبع والفرجة تقوم مقام الحائل وأدناها قدر مقام الرجل وفي الدراية ولو كان بينهما فرجة تسع الرجل أو اسطوانة قيل لا تفسد وكذا إذا قامت أمامه وبينهما هذه الفرجة اه ويبعد النظر في صحة هذا القيل إذ مقتضاه أن لا يفسد صف النساء على الصف الذي خلفه من الرجال ولو كان أحدهما على دكان قدر القامة والآخر أسفله فلا محاذاة وكذا لو كانت متأخرة عنه بالقدم إلا أنها أطول منه يقع سجودها في مكان متقدم عليه الخامس أن تكون المحاذاة في ركن كامل حتى لو تحرمت في صف وركعت في آخر وسجدت في ثالث فسدت صلاة من عن يمينها ويسارها وخلفها من كل صف قيل هذا عند محمد وعند أبي يوسف لو وقفت قدره فسدت وإن لم تؤد وقيل لو حاذته أقل من قدره فسدت عند أبي يوسف وعند محمد لا إلا في قدره السادس أن تتحد الجهة فإن اختلفت كما في جوف الكعبة وبالتحري في الليلة المظلمة فلا والجامع أن يقال محاذاة مشتهاة منوية الإمامة في ركن صلاة مطلقة مشتركة تحريمه وأداء مع اتحاد مكان وجهة دون حائل ولا فرجة ثم الواحدة تفسد صلاة ثلاثة واحد عن يمينها وآخر عن شمالها وآخر خلفها ليس غير فإن من فسدت صلاته يصير حائلا بينها وبين الذي يليه والمرأتان صلاة أربعة اثنان خلفهما والآخرين لأن المثنى ليس جمعا تاما فكانا كواحدة فلا يتعدى الفساد إلى آخر الصفوف وعن أبي يوسف الثنتان كالثلاث وعنه الثلاث كالثنتين فلا تفسد إلا صلاة خمسة والصحيح أن بالثلاث تفسد صلاة واحد عن يمينهن وآخر عن شمالهن وثلاثة ثلاثة إلى آخر الصفوف وفي رواية الثلاث كالصف التام فتفسد صلاة جميع الصفوف التي خلفهن والقياس في الصف التام أن يفسد به صلاة صف واحد لأنه حائل بينه وبين الصف الذي يليه لكنهم استحسنوا فساد الكل بنقلهم عن عمر رضي الله عنه من كان بينه وبين إمامه طريق أو نهر أو صف من صفوف النساء فليس هو مع الإمام قوله فيراعى جميع ما ورد به النص والنص ورد في صلاته مطلقة بناء على أن الفساد بها على خلاف القياس وهذا إنما ينتهض في اشتراط كون الصلاة مطلقة لا في الكل وعلل في تلخيص الجامع بأن المورد الجماعة المطلقة وهي بالشركة والكمال قوله يعني الشواب منهن تقييد في حق عدم الخلاف في إطلاق الحكم لا في أصل الحكم فإن العجوز ممنوعة عنده في البعض واعلم أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وقوله إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها والعلماء خصوه بأمور منصوص عليها ومقيسة فمن الأول ما صح أنه صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء وكونه ليلا في بعض الطرق في مسلم لا تمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد إلا بالليل والثاني حسن الملابس ومزاحمة الرجال لأن إخراج الطيب لتحريكه الداعية فلما فقد الآن منهن هذا لأنهن يتكلفن للخروج ما لم يكن عليه في المنزل منعن مطلقا لا يقال هذا حينئذ نسخ بالتعليل لأنا نقول المنع يثبت حينئذ بالعمومات المانعة من التفتين أو هو من باب الإطلاق بشرط فيزول بزواله كانتهاء الحكم بانتهاء علته وقد قالت عائشة رضي الله عنها في الصحيح لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء بعده لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل على أن فيه ما رواه ابن عبدالبر بسنده في التمهيد عن عائشة رضي الله عنها ترفعه أيها الناس انهوا نساءكم عن لبس الزينة والتبختر في المساجد فإن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبس نساؤهم الزينة وتبختروا في المساجد وبالنظر إلى التعليل المذكور منعت غير المزينة أيضا لغلبة الفساق وليلا وإن كان النص يبيحه لأن الفساق في زماننا أكثر انتشارهم وتعرضهم بالليل وعلى هذا ينبغي على قول أبي حنيفة تفريع منع العجائز ليلا أيضا بخلاف الصبح فإن الغالب نومهم في وقته بل عمم المتأخرون المنع للعجائز والشواب في الصلوات كلها لغلبة الفساد في سائر الأوقات قوله والجمعة جعل الجمعة كالظهر والمغرب والعشاء وقد اختلف في الرواية في ذلك والمذكور رواية المبسوط وغيره ورواية مبسوط شيخ الإسلام الجمعة كالعيد والمغرب كالظهر فتخرج في الجمعة لا المغرب وفي فتاوي قاضيخان جعل الجمعة كالظهر والمغرب كالظهر ولا نعلم قائلا بالإحتمال الرابع والمعتمد منع الكل في الكل إلا العجائز المتفانية فيما يظهر لي دون العجائز المتبرجات وذات الرمق والله سبحانه وتعالى أعلم قوله والجبانة متسعة بناء على صلاة العيد في فناء المصر وفي مصرنا هذا ليس كذلك بل هي في المساجد قوله خلف من هو في معنى المستحاضة كمن به سلس بول واستطلاق البطن وانفلات الريح والجرح السائل والرعاف ويجوز اقتداء معذور بمثله إذا اتحد عذرهما لا إن اختلف قوله بمعنى تضمنت صلاته الخ لا بمعنى الكفالة وإذا كان التضمن مراعى فإذا قدر المؤتم على ما لم يقدر الإمام عليه من الأركان كان كالمنفرد فيه قبل فراغ الإمام وذلك مفسد فلذا لا يجوز اقتداء القارىء بالأمي والأخرس ولا الأمي بالأخرس لأنه يقدر على التحريمة دون الأخرس ويجوز اقتداء الأخرس بالأمي لا الراكع الساجد بالمومي والأمي عندنا من لا يحسن القراءة وعند الشافعي من لا يحسن الفاتحة والمبني ظاهر وإذا فقد الإمام شرطا حقيقة اعتبر موجودا للحاجة إلى الأداء صار معدوما في حق من وراءه فلذا لا يجوز اقتداء اللابس بالعاري والطاهر بمن هو بمعنى المستحاضة والمصنف على الكل بعدم التضمن لزيادة قوة صلاة المأموم وهو غير بعيد وكل ما لم يصح الإقتداء لا يصير شارعا به في صلاة نفسه في رواية باب الحدث وزيادات الزيادات فلو قهقهه لا ينتقض وفي رواية باب الأذان يصير شارعا يعني ثم يفسد قيل الثاني قولهما بناء على أن فساد الجهة لا يفسد التحريمة والأول قول محمد بناء على عدمه قوله ويجوز أن يؤم المتيمم المتوضئين قيده شيخ الإسلام بأن لا يكون مع المتوضئين ماء خلافا لزفر وأصله فرع إذا رأى المتوضىء المقتدي بمتيمم ماء في الصلاة لم يره الإمام فسدت صلاته خلافا لزفر لاعتقاده فساد صلاة إمامه لوجود الماء ومنعه زفر رحمه الله بأن وجوده غير مستلزم لعلمه به وهو ظاهر وينبغي أن يحكم بان محمل الفساد عندهم إذا ظن علم إمامه به لأن اعتقاده فساد صلاة إمامه بذلك قوله طهارة ضرورية لا شك أن فيها جهة الإطلاق باعتبار عدم توقتها بخلاف طهارة المستحاضة وجهة الضرورة باعتبار أن المصير إليها ضرورة عدم القدرة على الماء وتعليله في النهاية بأنها طهارة تلويث لا ترفع الحدث حتى كان محدثا عند وجود الماء بالحدث السابق غير مستقيم على ما صرحوا به غير مرة من أنها رفعة وصرح هو في باب التيمم في البحث مع الشافعي في مسئلة جواز الفرائض المتعددة يتيمم واحد خلافا له فقال الخلاف مبني على أن حكم التيمم ماذا قال علماؤنا حكمه زوال الحدث مطلقا من كل وجه ما بقي شرطه وهو العدم كما بالماء إلا أنه بالماء مقدر إلى وجود الحدث وهنا إلى شيئين إلى الحدث وإلى رؤية الماء انتهى وكون الإنتقاض عند الوجود بظهور الحدث لا يستلزم عدم الرفع على ما قدمنا من تحقيقه في باب التيمم وإذا ثبتت الجهتان فعلل محمد رحمه الله هنا بجهة الضرورة لنفي جواز اقتداء المتوضىء احتياطا وعلل في باب الرجعة فيما إذا انقطع دم الحيضة الثالثة في المعتدة وأيامها دون العشرة بجهة الإطلاق لانقطاع حق الرجعة احتياطا وهما اختارا جانب الإطلاق في الصلاة لأن اعتبارها طهارة كالماء ليس إلا من أجلها ودل على صحة هذا الإعتبار حديث عمرو بن العاص أنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميرا على سرية فأجنب وصلى بأصحابه بالتيمم لخوف البرد وعلم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمرهم بالإعادة وجانب الضرورة في الرجعة فلم تكن طهارة في حق الرجعة لأن الضرورة في الصلاة لا غير فبقيت على العدم ما لم يتصل بها المقصود أعني أن يصلي بها لأنها حينئذ يمتنع اعتبارها عدما بعد ما قويت باتصال المقصود بها وسنزيد كشف القناع في باب الرجعة إن شاء الله تعالى وفي الخلاصة اقتداء المتوضىء بالمتيمم في صلاة الجنازة جائز بلا خلاف قوله ويصلي القائم خلف القاعد خلافا لمحمد وعكسه والقاعد خلف مثله جائزا اتفاقا والمستوى بالأحدب قيل يجوز مطلقا وذكر التمرتاشي إن بلغت حدبته الركوع فعلى الخلاف قال في شرح الكنز هو الأقيس لأن القيام استواء النصفين وقد وجدوا استواء الأسفل فيجوز عندهما كما يجوز اقتداء القائم بالقاعد لاستواء الأعلى وأما عند محمد ففي الظهيرية لا تصح إمامة الأحدب للقائم ذكره محمد وفي مجموع النوازل يصح والأول أصح قوله وهو ما روى الخ في الصحيحين عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود قال دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت بلى لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصلى الناس قلنا لا هم ينتظرونك للصلاة قال ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال أصلى الناس فقلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله قالت والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة قالت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر رضي الله عنه أن يصلي بالناس فأتاه الرسول فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس فقال أبو بكر وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا رقيقا فقال يا عمر صل أنت فقال عمر رضي الله عنه أنت أحق بذلك فصلى بهم أبو بكر ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج يهادي بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن لا تتأخر وقال لهما أجلساني إلى جنبه فأجلساه إلى جنب أبي بكر فكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد قال عبيدالله فعرضت على ابن عباس حديث عائشة رضي الله عنها فما أنكر منه شيئا غير أنه قال أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس قلت لا قال هو علي رضي الله عنه انتهى وما روى الترمذي عن عائشة قالت صلى النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه خلف أبي بكر قاعدا وقال حسن صحيح وأخرج النسائي عن أنس آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم في ثوب واحد متوحشا خلف أبي بكر رضي الله عنه فأولا لا يعارض ما في الصحيح وثانيا قال البيهقي لا تعارض فالصلاة التي كان فيها إماما صلاة الظهر يوم السبت أو الأحد والتي كان فيها مأموما الصبح من يوم الإثنين وهي آخر صلاة صلاها حتى خرج من الدنيا ولا يخالف هذا ما ثبت عن الزهري عن أنس في صلاتهم يوم الإثنين وكشف الستر ثم إرخائه فإنه كان في الركعة الأولى ثم إنه صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فأدرك معه الثانية يدل عليه ما ذكر موسى بن عقبة في المغازي عن الزهري وذكر أبو الأسود عن عروة أنه صلى الله عليه وسلم أقلع عنه الوعك ليلة الإثنين فغدا إلى الصبح يتوكأ على الفضل بن العباس وغلام له وقد سجد الناس مع أبي بكر رضي الله عنه حتى قام إلى جنب أبي فاستأخر أبو بكر فأخذ صلى الله عليه وسلم بثوبه فقدمه في مصلاه فصفا جميعا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأبو بكر يقرأ فركع معه الركعة الأخيرة ثم جلس أبو بكر حتى قضى سجوده فتشهد وسلم وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالركعة الأخرى ثم انصرف إلى جذع من جذوع المسجد فذكر القصة في عهده إلى أسامة بن زيد فيما بعثه إليه ثم في وفاته صلى الله عليه وسلم يومئذ أخبرنا به أبو عبدالله الحافظ بسنده إلى ابن لهيعة حدثنا الأسود عن عروة فذكره فالصلاة التي صلاها أبو بكر مأموما صلاة الظهر وهي التي خرج فيها بين العباس وعلي رضي الله عنهما والتي كان فيها إماما الصبح وهي التي خرج فيها بين الفضل بن العباس وغلام له فقد حصل بذلك الجمع وعلى هذا فقول المصنف آخر صلاة صلاها يعني إماما والمراد بحديث كشف الستارة ما في الصحيحين من أنه كشفها يوم الإثنين وهم صفوف في الصلاة ثم تبسم ضاحكا ونكص أبو بكر على عقبه ظنا أنه صلى الله عليه وسلم خارج للصلاة فأشار إليهم أن أتموا ثم دخل وأرخى الستر وتوفي صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك وفي البخاري أن ذلك كان في صلاة الفجر قال الشافعي بعد ما أسند عن جابر وأسيد بن حضير اقتداء الجالسين بهما وهما جالسان للمرض وإنما فعلا ذلك لأنهما لم يعلما بالناسخ وكذا ما حكى عن غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أنهم أموا جالسين والناس جلوس محمول عليه وعلم الخاصة يوجد عند بعض ويعزب عن بعض واعلم أن مذهب الإمام أحمد أن القاعد إن شرع قائما ثم جلس صح اقتداء القائمين به وإن شرع جالسا فلا وهو أنهض من جهة الدليل لأنا صرحنا بأن ذلك خلاف القياس صير إليه بالنص وقد علم أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى محل الصلاة قائما يهادي ثم جلس فالظاهر أنه كبر قبل الجلوس وصرحوا في صلاة المريض أنه إذا قدر على بعضها قائما ولو التحريمة وجب القيام به وكان ذلك متحققا في حقه صلى الله عليه وسلم إذ مبدأ حلوله في ذلك المكان كان قائما فالتكبير قائما مقدوره حينئذ وإذا كان كذلك فمورد النص حينئذ اقتداء القائمين بجالس شرع قائما قال الأعمش في قولها والناس يصلون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه يعني أنه كان يسمع الناس تكبيره صلى الله عليه وسلم وفي الدراية وبه يعرف جواز رفع المؤذنين أصواتهم في الجمعة والعيدين وغيرهما انتهى أقول ليس مقصوده خصوص الرفع الكائن في زماننا بل أصل الرفع لإبلاغ الإنتقالات أما خصوص هذا الذي تعارفوه في هذه البلاد فلا يبعد أنه مفسد فإنه غالبا يشتمل على مد همزة ألله أو أكبر أو بائه وذلك مفسد وإن لم يشتمل فلأنهم يبالغون في الصياح زيادة على حالة الإبلاغ والإشتغال بتحريرات النغم إظهارا للصناعة النغمية لا إقامة للعبادة والصياح ملحق بالكلام الذي بساطه ذلك الصياح وسيأتي في باب ما يفسد الصلاة أنه إذا ارتفع بكاؤه من ذكر الجنة والنار لا تفسد ولمصيبة بلغته تفسد لأنه في الأول تعرض لسؤال الجنة والتعوذ من النار وإن كان يقال إن المراد إذا حصل به الحروف ولو صرح به لا تفسد وفي الثاني لإظهارها ولو صرح بها فقال وامصيبتاه أو أدركوني أفسد فهو بمنزلته وهنا معلوم أن قصده إعجاب الناس به ولو قال اعجبوا من حسن صوتي وتحريري فيه أفسد وحصول الحروف لازم من التلحين ولا أرى ذلك يصدر ممن فهم معنى الصلاة والعبادة كما لا أرى تحرير النغم في الدعاء كما يفعله القراء في هذا الزمان يصدر ممن فهم معنى الدعاء والسؤال وما ذلك إلا نوع لعب فإنه لو قدر في الشاهد سائل حاجة من ملك أدى سؤاله وطلبه تحرير النغم فيه من الرفع والخفض والتغريب والرجوع كالتغني نسب البتة إلى قصد السخرية واللعب إذ مقام طلب الحاجة التضرع لا التغني قوله ويصلي المومىء خلف مثله وإن كان الإمام يومي قاعدا والمأموم يومي قائما لأن هذا القياس ليس بركن بل الأولى تركه قوله إلا أن يومىء قال التمرتاشي في هذه بعد نقل الخلاف فيها الأصح أنه يجوز على قول محمد وكذا الأظهر على قولهما الجواز وحكم في شرح الكنز باختيار ما في الهداية لأن القعود معتبر حتى يجب عند القدرة عليه بخلاف الإستلقاء فإنه لم يقصد إليه بالحكم بل تجب معه لأنه الوسع الحاصل قوله ولا من يصلي فرضا خلف من يصلي فرضا آخر وقولنا قول مالك وأحمد ولا يجوز الناذر بالناذر إلا أن ينذر نفس ما نذره الآخر من الصلاة ويجوز الحالف بالحالف لأن الواجب هناك البر فبقيت الصلاتان نفلا في نفسهما ولذا صح الحالف بالناذر بخلاف المنذور لأنه واجب وقد اختلف السبب فصار كظهر الأمس بمن يصلي ظهر اليوم ومصليا ركعتي الطواف كالناذرين لأن طواف هذا غير طواف الآخر وهو السبب فلا يجوز اقتداء أحدهما بالآخر ولو اشتركا في نافلة فأفسدها صح أحدهما بالآخر في القضاء وإن أفسدا منفردين نفلا فلا ولا خلف الناذر ولو صليا الظهر ونوى كل إمامة الآخر صحت صلاتهما لأن الإمام منفرد في حق نفسه فهي نية الإنفراد حينئذ فلو نوى كل الإقتداء بالآخر فسدت وتجوز السنة بعد الظهر بالسنة التي قبلها وسنة العشاء بالتراويح وأما الإقتداء في الوتر بمن يرى أنه سنة فسنذكره في باب الوتر إن شاء الله تعالى قوله وعند الشافعي رحمه الله إذا ثبت جواز الفرض بالنفل ثبت في الكل فلنتكلم عليه تمسك فيه بما في الصحيحين عن جابر أن معاذا كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة لفظ مسلم وفي لفظ البخاري فيصلي بهم الصلاة المكتوبة ذكره في كتاب الأدب وروى الشافعي رحمه الله عن جابر كان معاذ بن جبل يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم ينطلق إلى قومه فيصليها بهم هي له تطوع ولهم فريضة وأجيب بأن الإحتجاج به من باب ترك الإنكار من النبي صلى الله عليه وسلم وشرط ذلك علمه وجاز عدمه يدل عليه ما رواه الإمام أحمد عن سليم رجل من بني سلمة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن معاذ بن جبل يأتينا بعدما ننام ونكون في أعمالنا بالنهار فينادي بالصلاة فنخرج إليه فيطول علينا فقال له صلى الله عليه وسلم يا معاذ لا تكن فتانا إما أن تصلي معي وإما أن تخفف عن قومك فشرع له أحد الأمرين الصلاة معه ولا يصلي بقومه أو الصلاة بقومه على وجه التخفيف ولا يصلي معه هذا حقيقة اللفظ أفاد منعه من الإمامة إذا صلى معه صلى الله عليه وسلم ولا تمنع إمامته بالإتفاق فعلم أنه منعه من الفرض وقيل إن تلك الزيادة أعني هي له تطوع إلى آخره من كلام الشافعي رحمه الله بناء على اجتهاده ولهذا لا تعرف إلا من جهته وبعد هذا يرد حديث جابر أقبلنا إلى أن قال حتى إذا كنا بذات الرقاع إلى أن قال ثم نودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتين وروى الشافعي رحمه الله عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم صلى ببطن نخلة فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم وشيخ الشافعي فيه مجهول فإنه قال أخبرنا الثقة بن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر والأول إنما يتم له به حجة إلزامية لأن كون فرض المسافر ركعتين والأخريان نافلة إنما هو عندنا إذ عند الشافعي يقع الكل فرضا فلا يتم له به حجة على مذهبه وأجاب الطحاوي عنه وعن حديث معاذ بأنه منسوخ أو يحتمل أنه كان حين كانت الفريضة تصلي مرتين ثم نسخ وروى حديث ابن عمر نهى أن تصلي فريضة في يوم مرتين قال والنهي لا يكون إلا بعد الإباحة ونوزع في ذلك بأنه نسخ بالإحتمال والجواب أن مراده الحمل على النسخ ترجيحا بضرب من الإجتهاد وهذا صحيح بل واجب إذ يجب الترجيح ما أمكن ومرجعه الحمل على النسخ في كل متعارضين ثبتت صحتهما وإن عبرنا في وجه الترجيح بلفظ آخر نحو أن نقول هذا محرم فيقدم على ذلك المبيح فإنه يستلزم حمل ذلك المبيح على النسخ وإن لم يصرح به وهذا لأن الفرض أن المبيح قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قاله وكونه قال أيضا المحرم لا يستلزم كون العمل به إذ يجوز أن يكون المبيح هو المتأخر في نفس الأمر منه صلى الله عليه وسلم فيكون المقصود منه الآن تقرير الإباحة فتقديم المحرم عند الجهل بالمقدم معناه أنه اشد الحكمين فنحمله على التأخر وذلك على التقدم احتياطا أي عملا بأشق الأمرين عند عدم العلم بخصوص المتقرر وإلا فليس معنى الإحتياط أن العمل به يتيقن معه بالعمل بالمتأخر المتقرر في نفس الأمر إذا عرفت هذا فمعنى حمله على النسخ أنه ثبت صلاة الخوف على ما ذكر وثبت بعد سنين من الهجرة أنه صلى بالطائفتين صلاة واحدة مع المنافي بكل طائفة فلو جاز اقتداء المفترض بالمتنفل لأتم بكل طائفة لأن تحمل المنافي لا يجوز عند عدم الضرورة فهذا يدل على عدم جواز الفرض بالنفل وكذا قوله صلى الله عليه وسلم الإمام ضامن وسنذكره بسند صحيح والأول عكسه فيقدم هذا ويحمل ذلك على ما عهد ثم نسخ من تكرر الفرض تقديما للمانع على المجوز هذا ثم قيل إنما لا يجوز اقتداء المفترض بالمتنفل في جميع الصلاة لا في البعض فإن محمدا ذكر إذا رفع الإمام رأسه من الركوع فاقتدى به إنسان فسبق الإمام الحدث قبل السجود فاستخلفه صح ويأتي بالسجدتين ويكونان نفلا للخليفة حتى يعيدهما بعد ذلك وفرضا في حق من أدرك أول الصلاة وكذا المتنفل إذا اقتدى بالمفترض في الشفع الثاني يجوز وهو اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القراءة والعامة على المنع مطلقا ومنعوا نفلية السجدتين بل هما فرض على الخليفة ولذا لو تركهما فسدت لأنه قام مقام الأول فلزمه ما لزمه وقالوا صلاة المتنفل المقتدي أخذت حكم الفرض بسبب الإقتداء ولهذا لزمه قضاء ما لم يدركه مع الإمام من الشفع الأول وكذا لو أفسد عن نفسه يلزمه قضاء الأربع قوله قال صلى الله عليه وسلم من أم قوما الخ غريب والله أعلم وروى محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا إبراهيم بن يزيد المكي عن عمرو بن دينار أن علي بن أبي طالب قال في الرجل يصلي بالقوم جنبا قال يعيد ويعيدون ورواه عبدالرزاق حدثنا إبراهيم بن يزيد المكي عن عمرو بن دينار عن جعفر أن عليا رضي الله عنه صلى بالناس وهو جنب أو على غير وضوء فأعاد وأمرهم أن يعيدوا ومما يستدل به على المطلوب ما أخرجه الإمام أحمد بسند صحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال الإمام ضامن وهو ما أشار إليه المصنف بقوله ونحن نعتبر معنى التضمن فإنه المراد بالضمان للإتفاق على نفي إرادة حقيقة الضمان وأقل ما يقتضيه التضمن التساوي فيتضمن كل فعل مما على الإمام مثله وغايته أن يفضل كالمتنفل خلف المفترض وإذا كان كذلك فبطلان صلاة الإمام يقتضي بطلان صلاة المقتدي إذ لا يتضمن المعدوم الموجود وهذا معنى قوله وذلك في الجواز والفساد وما أسند أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم دخل في صلاة الفجر فأومأ بيده أن مكانكم ثم جاء ورأسه يقطر ماء فصلى بهم فلما قضى الصلاة قال إنما أنا بشر وإني كنت جنبا وسنده صحيح لا يقتضي أن ذلك كان بعد شروعهم لجواز كون التذكر كان عقيب تكبيره بلا مهلة قبل تكبيرهم على أن الذي في مسلم قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم حتى قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف فإن كان هذا المراد بقوله في حديث أبي داود دخل في صلاة الفجر على إرادة دخل في مكانها فلا إشكال
وإن كانا قضيتين فالجواب ما علمت وأخرج عبدالرزاق عن حسين بن مهران عن مطيع عن أبي المهلب عن عبيدالله بن زجر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة قال صلى عمر رضي الله عنه بالناس جنبا فأعاد ولم يعد الناس فقال له علي رضي الله عنه قد كان ينبغي لمن صلى معك أن يعيد قال فرجعوا إلى قول علي قال القاسم وقال ابن مسعود مثل قول علي
Page 374