الأصل هو حمل التعبير في القرآن الكريم على ظاهره، إلا بقرائن صارفة تبيح حمله على ضرب المثل, وقد أكثر القرآن الكريم من التمثيل كأبلغ سبيل لبيان المراد بحالة مماثلة، نحو ما يصرح به قوله تعالى: "ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم" [النور: 35] ، وقوله تعالى: "وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون" [الحشر: 21] ، وقوله تعالى: "ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون" [إبراهيم: 25] ، وأما قوله تعالى: "وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلهآ إلا العالمون" [العنكبوت: 43] ؛ فيقصر الانتفاع بتلك الأمثال على العالم بالله عن تفكر وإدراك.
وفي قوله تعالى: "يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنآ إليكم نورا مبينا" [النساء: 174] , ظاهر التعبير (وأنزلنآ إليكم نورا مبينا) انتقال ضوء الشمس نحو الأرض, ولكن السياق يتعلق بإقامة البرهان في مجال الدين بقرينة التعبير (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم) .
ولذا لم يختلف المفسرون في تأويل لفظ (النور) ، وصرفه عن ظاهر دلالته وبيان أن المراد به هو القرآن الكريم.
قال البيضاوي: "عنى بالبرهان المعجزات وبالنور القرآن أي قد جاءكم دلائل العقل وشواهد النقل ولم يبق لكم عذر ولا علة" [تفسير البيضاوي (ج2ص285) ] .
وقال الثعالبي: "البرهان الحجة النيرة الواضحة التي تعطي اليقين التام, والنور المبين يعني القرآن" [تفسير الثعالبي (ج1ص435) ] .
Page 75