فإن جادلكم أحد في أن هذه الصورة غير داخلة في ذلك، فقل له: مثّل صورة الحيل المحرمة، فإنه لا يذكر شيئًا من الصور إلا ومسألتكم ١ مثلها أو أشد بطلانًا.
وأعجب من هذا: أن ابن القيم ذكر في إعلام الموقعين في صورة أحسن من هذه وأقرب إلى الحل، ما صورته: لو أراد أن يجعل رأس مال السلم دينًا يوفيه إياه في وقت آخر بأن يكون معه نصف دينار، ويريد أن يسلم إليه دينارًا غير معين في كونه حنطة، فالحيلة أن يسلم إليه دينارًا غير معين، ثم يوفيه نصف الدينار، ثم يعود فيستقرضه منه، ثم يوفيه إياه، فيفترقان وقد بقي له في ذمته نصف دينار. وهذه الحيلة من أقبح الحيل؛ فإنهما لا يخرجان بها عن تأخير رأس مال السلم، ولكن توصلا إلى ذلك ٢ بالقرض الذي جعلا صورته مبيحة لصريح الربا ولتأخير رأس مال السلم، وهذا غير القرض الذي جاءت به الشريعة، وإنما اتخذه المتعاقدان تلاعبًا بحدود الله. انتهى كلامه.
فإذا كان هذا كلامه ٣ فيمن أراد أن يسلم إلى رجل محمدية من بيته، باطنًا وظاهرًا، ولكن لم يحضر في المجلس إلا خمسين وكتبها عليه، ثم استقرضها وكتبها أخرى، إلى أن يخرج بالخمسين في آخر النهار أو غد، فكيف بكلامه في التحيل على قلب الدين وجعله رأس مال السلم؟ وإذا كان هذا كلامه في إعلام الموقعين، وهو الذي ينسبون عنه إذا أراد أن يشتري دابة بخمسين وجاء رجل وربحه في الخمسين خمسًا أو أكثر أو
_________
١ في طبعة أبا بطين: (إلا وسئلتم مثلها) .
٢ في المخطوطة: (توصلا بذلك) .
٣ في الأسد: (فانظر، فهذا كان كلامه)، وكذا في طبعة أبا بطين.
1 / 83