وبالجملة، ١ فمتى ٢ رأيت الاختلاف، فرُدَّه إلى الله والرسول، فإذا تبين لك الحق فاتبعه، فإن لم يتبين واحتجت إلى العمل، فقلد من تثق بعلمه ودينه؛ وهل يتخير الرجل عند ذلك أو يتحرى أو يقلد الأعلم أو الأورع؟ فيه كلام ليس هذا موضعه.
فتبين بهذا جواب المسألة الثانية والثالثة والرابعة.
وأما المسألة الأولى: فإن كان صاحب الكتاب ٣ ثقة مأمونًا، ونسبه إلى الصحيحين وغيرهما، جاز العمل بقوله، ولا أحد منع ذلك.
وأما المسألة الخامسة وهي قول من قال: لا إنكار في مسائل الاجتهاد، فجوابها يعلم من القاعدة المتقدمة. فإن أراد القائل مسائل الخلاف كلها، فهذا باطل يخالفه إجماع الأمة؛ فما زال الصحابة ومن بعدهم ينكرون على من خالف أو أخطأ كائنًا من كان، ولو كان أعلم الناس وأتقاهم. وإذا كان الله قد بعث محمدًا ﷺ بالهدى ودين الحق، وأمرنا باتباعه وترك ما خالفه، فمن تمام ذلك أن من خالفه من العلماء مخطئًا نبِّه على خطئه، وأُنكر عليه.
وإن أريد بمسائل الاجتهاد ومسائل الخلاف التي لم يتبين فيها الصواب، فهذا كلام صحيح، لا يجوز للإنسان أن ينكر الشيء لكونه مخالفًا لمذهبه أو لعادة الناس؛ فكما لا يجوز للإنسان أن يأمر إلا بعلم، لا يجوز أن ينكر
_________
١ في المخطوطة: فاء بدلا من الباء.
٢ في طبعة الأسد وأبا بطين: (فمهما) .
٣ في طبعة أبا بطين: (فإن كان صاحب الدلائل) .
1 / 33