المسألة الرابعة
سأله محمد بن صالح، عن رشوة الحاكم الذي ورد عن رسول الله ﷺ أنه: " لعن الراشي والمرتشي " ١، وذلك أنه وقع بينه وبين سليمان بن سحيم مجادلة في ذلك.
سألتم، رحمكم الله، عن رشوة الحاكم الذي ورد عن رسول الله ﷺ أنه لعن الراشي والمرتشي، وذكر له أن بعض الناس حملها على ما إذا حكم الحاكم بغير الحق، وأما إذا ٢ أخذ رشوة من صاحب الحق، وحكم له به فهي حلال، مستدلًا بقوله ﷺ: " أحق ما أخذتم عليه أجرًا: كتاب الله "٣، وأنكم استدللتم عليه بقوله تعالى: ﴿وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ ٤، وأجابكم بأنها نزلت في كعب بن الأشرف، وبأن الناس فرضوا لأبي بكر لما تولى الأمر درهمين كل يوم، وكذلك قوله: من قال لا أحكم بينكما إلا بجعل.
فأقول: أما صورة المسألة، فهي أشهر من أن تذكر، بل هي تعلم بالاضطرار؛ فإن حكام زماننا - لما أخذوا الرشوة - أنكرت عليهم العقول والفطر، بما جبلها الله عليه ٥، من غير أن يعلموا أن الشارع نهى عنها، ولكن إذا جادل المنافق بالباطل، فربما يروج على المؤمن فيحتاج إلى كشف الشبهة، فنقدم قبل الجواب مقدمة، وهي:
_________
١ الترمذي: الأحكام (١٣٣٦)، وأحمد (٢/٣٨٧) .
٢ في المخطوطة: بدون (إذا) .
٣ البخاري: الطب (٥٧٣٧) .
٤ سورة البقرة آية: ٤١.
٥ في طبعة الأسد ساقطة، وكذا في طبعة أبا بطين.
1 / 16