فقص عليه ما جرى من حيث وجود الحسين هناك وكيف كان في انتظار لمياء وقد رافقها على غير كلفة ولم يذكر فشله.
فقال أبو حامد «وهل ساءك ذلك؟»
قال: «كيف لا؟ وقد كنا منذ ساعة نتحدث في إقناعها أن تقبل به وهي تظهر أنها لا تريده، فكيف تكون على موعد منه وترافقه في هذا الليل؟»
فضحك ضحكة اغتصابية لا تلتئم مع ما كان فيه من الاهتمام، وقال: يظهر أنك لا تزال تهتم بهذه الصغائر ... هل يحول ذلك الاجتماع دون غرضنا الذي أوقفنا حياتنا من أجله؟ كلا بل هو يهونه علينا، وخفض صوته وقال: «أم نسيت الغرض الأصلي من علاقتنا مع هذا الأمير المغرور؟»
فسكت سالم وأطرق كأنه يفكر في حديث دار بينه وبين أبي حامد من عهد بعيد.
فقال أبو حامد: «لا أنكر أن لمياء فتاة شجاعة وجميلة، وهي تجلك ولكن هل خطبناها؛ لأننا لم نجد بين نساء هذه القبائل من يليق بك؟ إنك ستجد خيرا منها ولا سيما بعد أن ننال بغيتنا ونتخلص من أولئك الخائنين ... كن رجلا واعمل عمل الرجال وانظر إلى الغاية التي نحن سائرون إليها. يكفي أننا أقنعنا هذه الفتاة أن تمهد لنا السبيل لقتل ذلك الرجل وقائده، فإذا قتلناهما لا يبقى لهذا الغلام حظ من الحياة فتكون لمياء لك عند ذلك.» وسكت وهو يتلفت يمينا وشمالا كأنه يحاذر أن يسمعه أحد، وقال: «ألا تعلم متى تزوجت لمياء بعد ذلك كنت أنت صاحب القيروان؟»
وكان لأبي حامد سلطة عظيمة على أفكار سالم، فإذا قال قولا صدقه - ولو كان مستحيلا - لكنه أحب الاستفهام فقال: «وكيف ذلك؟»
قال: «ما هو الغرض الذي أوقفت حياتي من أجله؟»
قال: «هو الأخذ بثأر أبي عبد الله، المقتول ظلما.»
قال: «وهل نكون قد أخذنا بالثأر إن لم نخرج هذا السلطان من أيدي هؤلاء الخونة؟»
Unknown page