فقال: «ومن هذا» وأشار إلى سالم.
فقالت: «أحد فرسان الأمير حمدون جاء لمرافقتي في هذا الطريق.»
قال: «قد ذهبت بالرسالة بلا حارس ... وكيف يحتاج غلام أمير المؤمنين إلى من يحرسه في بلده ... وقد يكون هذا الرفيق جاسوسا فلا بد من القبض عليه.» قال ذلك وأشار إلى رفاقه الفرسان فأحاطوا بسالم وقد صوبوا الأسنة نحوه وأمروه أن يمشي أمامهم. وتقدم اثنان ليأخذا الفرس منه.
أما سالم فانتتر منهما وصاح «اخسئوا. لا يقترب مني أحد إلا أرديته.»
وهم أن يستل سيفه. فصاح فيه مقدمهم وقال: «لا تتعب نفسك بالمحال إنك في قبضتنا، ولا نريد بك سوءا وإنما نطلب إليك أن تدخل معنا وتمكث عندنا إلى الصباح فنعرضك على القائد جوهر فإذا أمر بإطلاقك أطلقناك وليس لك وجه آخر.»
فوقع الرعب في قلبه وندم؛ لأنه لم يصغ لنصيحة لمياء ورفيقها ولكنه أكبر الرضوخ وهو يخاف أن يكون في القبض عليه خطر على حياته، فوقع في حيرة. والتفت إلى لمياء لفتة استغاثة فتقدمت نحو الفارس وقالت: «ألا تعرفني أيها الفارس؟ أنا أضمن ما تريدونه. احبسوني مكانه إلى الغد وقدموني إلى القائد. وأنا المسئول لديه عن هذا الفارس.»
فقال: «قد كان ذلك ميسورا لولا ما أبداه من الوقاحة وهو ملثم ويظهر من كلامه أنه من أهل سجلماسة فلا بد من القبض عليه.» قال ذلك وأشار إلى سالم إشارة التهديد أن يمشي أمامهم.
فقال: «لا أمشي ...»
فترجل بضعة منهم وهموا أن يوثقوه ولمياء تتقدم إليهم أن يتركوه، ولعلها لو كانت على جوادها ومعها سلاحها لم تبال بهم. ولكنها كانت راغبة في التستر ولعنت الساعة التي جاء بها سالم.
وهي في ذلك وعيناها نحو الجهة التي تركت الحسين فيها وإذا بشبح يتقدم من تلك الجهة نحوها مسرعا. فعرفت أنه الحسين فلبثت صامتة لترى ما يكون وخافت أن يتعمد البحث عن سالم ويكشف وجهه. لكنها رأته حالما وصل إلى المكان صاح في الفرسان قائلا: «خلوا هذا الفارس؛ فإنه من الأصدقاء.»
Unknown page