قالت: «أحب أن أرى مولاتنا أين هي؟»
فقال: «هي هنا يا سيدتي» وتنحى.
فاستغربت قوله. وإذا بأم الأمراء بالباب فبغتت لمياء لوجودها هناك وقالت: «كيف حضرت يا سيدتي ... وأين كنت؟»
فضحكت وأشارت إلى الخصي فانصرف وضمت لمياء إلى صدرها وقبلتها وقالت: «أتظنين أني غافلة عما أنت فيه؟ أذنت لك بالانصراف إلى مخدعك وقلبي يراعيك ولم أتمالك عن أن أجيء بنفسي؛ لأراقب حركاتك. وإنما أرسلت الصقلبي قبلي ليرى هل أنت نائمة؟»
فلما سمعت كلامها أكبت على يديها وجعلت تقبلهما قائلة: «بالله يا سيدتي ما هذه النفس الكريمة ما هذه الأخلاق العالية ما هذا الحنو الوالدي ... هل أستحق منك هذه العناية؟ إن شعورك معي في هذه المشاكل خففها»، وسكتت وهي تدعو أم الأمراء للجلوس على فراشها.
فأجابتها: «قلت لك إني أحببتك وأنا لا أقول جزافا. ثم إني أعلم الناس بما يكنه قبلك فقلت في نفسي لعلي إذا جئتها وكانت مضطربة أن أخفف عنها شيئا.»
فتنهدت لمياء وسبقتها العبرات وقالت: «لقد خففت عني كثيرا ولكن ...»
فمسحت أم الأمراء دموع لمياء بمنديلها، وقالت: «إنك يا بنية حملت نفسك التعب باختيارك ... إن النصيب الذي عرض عليك لو عرض على أحسن نساء العالمين لفرحت به وأنت لا ...» وبلعت ريقها واستغنت عن التصريح بالإشارة.
فقالت لمياء: «هذا كله أعلمه وقد حاولت أن أقنع نفسي فإذا أنا عاجزة عن ذلك ... إني ضعيفة مسكينة ... آه من الحب ... سامحيني يا سيدتي على هذه الحرية في خطابي ... أردت أن أقنع نفسي أن ما سيدعوني إليه والدي سعادة لا ترد فشعرت بقشعريرة ارتعدت لها فرائصي ... لا أقدر ... لا أقدر أن أتسلط على نفسي ... إني لا أملك رشدي يظهر أني مجنونة ...»
فضحكت أم الأمراء على سبيل المداعبة وقالت: «هل تشكين في ذلك؟ ألا تعلمين أن العلماء يسمون الحب الشديد جنونا ...»
Unknown page