الفصل السبعون
انذر القاتل بالقتل
قال عبد الله: «وما الذي في نفسك وتريد أن تطلعني عليه؟ قله».
قال: «هو خبر يتعلق بوصية النعمان لك ولابنه فاحك لي ما تم معك من قبيل النذر هل وفيته واطلعت هذا الملك على حقيقة نسبه».
قال عبد الله: «نعم يا مولاي لقد وفينا النذر بعد ميعاده». وأحكى له القصة من أولها إلى أخرها حتى آتى على سبب مجيئهم إليه فقال: «وقد جئنا إليك لعظم ما قام في نفس مولانا الملك من الاهتمام في أمر الانتقام فقلنا نطلع ناسك حوران على هذا السر لعله يشير علينا مشورة تخفف ما بنا. أو تهدينا سبيلا مستقيما».
فقال الناسك: «لقد وقعتم على خبير وإن في بقية قصتي ما يفرج عنكم كل كرب إن شاء الله».
فاستبشر عبد الله وحماد وسلمان بانفراج الأزمة وسروا لقدومهم على هذا الناسك فقال عبد الله: «اخبرنا ببقية قصتك بورك فيك».
قال: «كنت لفرط اهتمامي في أمر الملك النعمان وأمر وصيته وما تتضمنه من الحث على الانتقام لا أبرح أفكر في هذا الأمر نهارا وأحلم به ليلا حتى استيقظت ذات صباح والناس يتحدثون بأمر كسرى برويز قاتل النعمان وان ابنه شيرويه تآمر عليه وسجنه فقلت في نفسي هذه عاقبة القوم الظالمين. ثم ما لبثت أن سمعت بأنه قتله فاعتبرت بحكمة الله سبحانه وتعالى وشعرت براحة فبت ليلة ذلك الخبر وأنا هادس في عاقبة الظالمين وقول القائل «وانذر القاتل بالقتل». فرأيت في منامي كأن الملك النعمان قادم إلي بلباس ناصع البياض ووجه منير باسم فخشعت لرؤيته على هذه الصورة ثم سمعته يقول: «لا تعجب يا يعقوب لمقتل برويز المجوسي فقد أعد له الله ما هو أعظم من ذلك ليعتبر القوم الظالمون».
فقلت وقد بهرني نور وجهه فأطرقت: «وماذا عسى أن يكون أعظم من الموت قتلا بسيف البنين».
فقال لي: «سوف ترى وكل آت قريب». فرفعت نظري لأراه فغاب عن بصري واستيقظت من منامي مذعورا ولم تمض بضع سنوات حتى وقع في سلالة برويز ما لم نسمع بمثله في غابر الأزمان. أتدرون ما هو؟»
Unknown page