فقال قرياقوس: أنا وأنت نحمل آلة الزنا، من ساعة خرجنا من بطن أمنا، فهل معنى ذلك أني زان، وأنك زان؟
وضاقت حجة الخوري فتسلح باسم الأب والابن، وأجاب قرياقوس: انقبر، سد بوزك بلا طق حنك. اقعد حدي يا بشع اللسان، الآن انتهت دعوى الآغا عليك وتصالحت وإياه، فقل لي كيف كسرت جرة النحل وتركته يعقص الآغا؟
فقال قرياقوس: أنت تعرف قرياقوس، فهو يفضل حبس شهر في قبو البقر وأكل قتلة مشبعة على كسر جرة نحل وخسارتها. القصة أن درويش آغا أمسكني بعباءتي، وحاول أن يضربني بدبوس صغير يحمله، فسقطت الضربة على الجرة فانكسرت وفاع
9
النحل، والنحل متى هاج وماج لا يحط إلا على أعلى شيء يجده في دربه، وكان الآغا واقفا على رجمة طنوس فارس كالعمود، فعلق على طربوشه الأحمر وأخذ يلذعه.
فقال الخوري: يظهر أن عندك حيلة لتطييره وتهجيجه.
فأجاب قرياقوس: النحل في الشوب لا يحتاج إلى تهجيج، ولا تنس يا معلمي أن الله موجود، وهو مع الضعيف حتى يعتبر القوي، أنا متكل عليه وهو لا يخيبني ... ثم سكت وقال بعد هنيهة استراحة: قل لي معك وقت حتى أكمل حديثي وأخبرك عن خواص النحل؟ - كمل يا قرياقوس واختصر، جاء وقت القداس.
فقال قرياقوس: النحل كافاني على قتل أعدائه الزنابير، ولا رأس إلا وفيه حكمة. إذا كانت النحلة تروح إلى جبل جاج وترجع إلى وادي عين كفاع ولا تضيع دربها، ألا تكون تعرف الحق؟!
فقال الخوري: يا سبحان الله! أين تعلمت الفلسفة يا بو يوسف؟
فقال قرياقوس: لا تتعجب. الله خلق فيها هذه الخاصة، والذي أرشدني إلى هذه الحقيقة شيخ جامع القلمون،
Unknown page