فقهقه الخوري قائلا: قدمتها من زمان، ولو كان عمل لي شيئا ما كنت تعذبت ولا جيت. - كان الأحسن ألا تتعذب يا أبت المحترم؛ فالدعاوى في رومية لا تنتهي ...
فقال الخوري للكردينال بوقاحة: يظهر أنك شرقي.
فضحك الكردينال، وقال: ولو لم أكن من الشرق لم أحسن تأجيل الأمور وتطويل مدتها. •••
وعاد الخوري يوسف من رومية، وكم ضحكنا عندما رأيناه «يلولح بين التوت»
27
ببرنيطته المخملية ... عاد إلى وكره ليعيش على خبز القمح السلموني، الذي كان يشكره جدا ويحمده، ويقول عنه إنه مثل اللحم، وعلى الجبن واللبن والكشك المجبول مع البصل، فهو يكتفي بما ذكرت ويسميه طبخا جاهزا؛ ولذلك لم ير أحد الدخان صاعدا من بيته. قلت بيته ولم أقل مطبخه؛ لأن ليس للقدر في ذلك البيت مكان تسند إليه كعبها.
ليس في بيته قدح أو كباية، فهناك إبريق بلا رقبة، بلبلته مقرومة. فإذا ما زرته شتاء، وهو يقتني أجود أنواع الخمور، فك طاسة كأس التقديس من شمعدانها، وأغرقها في الخابية بإصبعيه المسمدين وسقاك على ذكر المسيح مدامة ... وفي الصيف يسقيك من ماء بئره البارد بطاسته الفضية المزرقة.
قد تظن أن هذا الخوري قليل الإيمان غير تقي، ولكن لا؛ فإيمانه قوي ولكن على ذوقه. لا يعتقد بالتهاويل ولا بما ينصبه رجال الدين من مفازع
28
حول قدسياتهم.
Unknown page